أدركت بالحسنى هوى الجبار

أدركت بالحسنى هوى الجبارِ

واجتزت بالنجوى مكان النارِ

وظفرت بالحق الذي استخلصته

من قوة الأنياب والأظفار

وأخذت للشعب الأمين مصيره

من قُلَّب الأدوار والأطوار

وحفظت للوادي المقدس نيله

ومددته لصديقه والجار

يجري ولولا محكمات سدوده

وحدوده لطغى على الأقطار

ملآن لولا البحر وهو مصبه

أمددت منه سائر الأنهار

لك أن تصرَّفَه بمعيار إلى

أمد وتصرِفَهُ بلا معيار

لم تبق في المجرى نزاعاً بعد ما

ملكت يداك مواقع الأمطار

ذهب الغريم إلى شروطك وانتهى

ما كان من عنت ومن إصرار

ورأت سفارتك الجليلة عنده

ما شئت من زلفى ومن إكبار

وأتتك تحمل عن جناه وظله

حلو الحديث وطيبَ الأخبار

لا يكتفي بالود ترعاه له

إلا وأنت له من الزوار

في صحبة الملك الكريم ممكناً

فيها لمصر علائق الأمصار

ذكرتك جامعة الرفاق وجددت

فيها لعهدك أفضل الآثار

ودعتك تكرم فيك مصر وتصطفي

قوماً رفعتهمُ على الأقمار

تهدي إليك الضخم من نسب ومن

لقب ومن صلة بها وشعار

شرف الشهادة بعد ما استحققته

بعد اعتراف القوم والإقرار

أبقى العلائق والمرافق ما أتى

بتآلف الأخلاق والأفكار

وأحب ميثاق إلى حُفَّاظه

ما جاءهم من طائع مختار

والعلم ما دارت به الأيام لا

ما جاء في كتب وفي أسفار

وإذا امتلكت من القويِّ سريرة

فقد امتلكت أعنة الأقدار

ما بعته إلا المودة حرة

ولك الجزاء بها وربح الشاري

حمل الغضاب على جميلك عنده

غضب المريب على القضاء الجاري

أرضاك فاتهموا ولو أرضاهمُ

وضعوه منهم موضع الأبرار

واستنكروا ما لو أُنيلوا بعضه

طاروا بما نالوه كل مطار

أيكلفونك أن تضر وإنهم

لا يحملون عواقب الضّرار

ويعرّضونك للذي أعياهم

في كل مضطرب وكل مثار

ثقل الحساب عليهمُ فترددوا

بين العتاب لديك والإعذار

وتلمسوا الأنصار ممن ساءهم

لك أن تراه أصدق الأنصار

يتطلبون الثأر منك وما رعوا

معروفك الجاري مكان الثار

دع ما ادعوه فلن تعود سياسة

كانوا بها من أخسر التجار

واحكم فما لوزارة العمال من

أمر ولا لوزارة الأحرار

طلع النهار بما يسر وليس في

ضوء النهار مكامن الأسرار

فَتْحُ السلامِ برأيك المتبوع لا

فتحُ الوغى بالجحفل الجرار

إني مودِّعك المشوق إلى غد

ولتحمدن عواقب التيار

ولترجعن إلى حماك موفقاً

بين المآرب فيه والأوطار

وأنا المبشر بالقريب من المنى

والصدق كل الصدق في أشعاري