لج الحنين إليك حتى خلتني

لج الحنين إليك حتى خلتني

وأنا القصيّ غدوت غير النائي

وإذا الفصول جميعها فواحة

حولي بعطرك تستثير رجائي

وإذا السماء يرعدها وبروقها

زرقاء مثل سمائك الزرقاء

وإذا الجمال بكل مرأى حفّني

يفترّ لي بجمالك الوضاء

وغذا الحياة وقد رشفت نعيمها

ليست سواك بخاطري ودعائي

هذي المشاهد كيف كن شهيدة

لتلهفي وتبسمي وبكائي

مزجت بأفراحي وأتراحي معا

فكأنها مثلي من الشهداء

وإذا بكيت بها فإنك دمعتي

وإذا شدوت بها فأنت غنائي

ما فاتها مني الوفاء وفاتها

أرضي لديك وجنتي وسمائي

عاث الطغاة مدى فما هادنتهم

ورحلت أرشقهم بصدق هجائي

كانت فعالي قدوة وعواطفي

نارية واسلتها كدمائي

ما تضحيات الماهدين ضئيلة

إلا لدى الناسين والجهلاء

من لي بقربك لو ملكت قيادة

للثائرين فكم أضيع ندائي

لجعلت مصر إذن حفيدة جدّة

غنّى بها الشعراء للشعراء

سبقت مبادئها المسيح بعدلها

وشأت بأخناتون كل ضياء

وغدا بها الوادي جنانا حرة

طهرت من الأوشاب والدهماء

ينساب فيها النيل سيفا مصلتا

إلا على أحبابه الشرفاء

رقصت شواطئة بأشتات المنى

والحب عابقة بكل عطاء

غنى الغراب بها وكان غناؤها

وقفا على الشحرور والورقاء

فيها المساواة العميقة زينة

كالنور في الأجبال والأوداء

ما قيمة الإنسان إلا نفعه

وكذاك حكم عظائم الأشياء

والشمس لولا نفعها هانت لنا

بل أصبحت جيشا من الأعداء

وطن الصبا وعزيز أحلام الصبا

ما زلت لي حلما وحلو عزاء

حمّلت في شيخوختي أعباء من

قبعوا ومن ناموا على الأقذاء

وتخذت لي منفاي منبر دعوة

للثأر من ضيم ومن أدواء

في موطن الأحرار لم يخذل به

فرد ولم يسحق على الغبراء

يسمو به إقدامه فوق السهى

ويحول الغبارء كالجوزاء

أو يفلق الذرات فهي جهنم

للغاشمين وجنة العلماء

صارت شجاعته مثالا يحتذى

وعلت مىربه على الجببناء

فإذا بقيت به عزيزا آبيا

ورضيت من نفيي بكنز إبائي

فلكي أبر بعهد إنسانيّتي

وأكون رمز تجاوب وإخاء