بلغت المدى المأمول فيما تجاهد

بلغت المدى المأمول فيما تجاهدُ

فهل وجد الأقران ما أنت واجدُ

وهل كان ما مكنت إلا ممهداً

لما أنت ناويه وما أنت قاصد

نأيت فكان الشوق فيما تركته

وكان الرضا فيما به أنت عائد

وجاء من الأنباء ما قرب المدى

إليك وشاهدنا به ما تشاهد

وزرت الدهاة القادرين فرحبوا

كأنك بالوادي ومن فيه وافد

تجدد ذكرى أربع بينهم خلت

وقد ألزمتك العهد تلك المعاهد

تناولت فيه علمهم وهو عدة

لك اليوم تلقاهم بها وتجالد

وقد كان نخب الحب أفضل ما انتهى

إليك وأشهى ما احتوته الموائد

مآدب ما شاقتك إلا وقبلها

شروط السلام المرتجى والقواعد

فما طبت نفساً بالذي أنت آكل

كما طبت نفساً بالذي أنت عاقد

طلعت عليهم بالأحاديث حرة

فلم تمس إلا وهي فيهم عقائد

أقروا بما لا يستطيعون نقضه

وقد سكنت أسدٌ ونامت أساود

وردوا إليك الحق والحق غالب

ودهرك معوان وحظك صاعد

وأحكمت في صحو النهار وسائلاً

ترامت بها تلك الليالي الرواعد

وضجت بما نلت الممالك كلها

وقد جل ما كابدته وتكابد

وأكبرَتِ النصر الذي تستتمه

ولم ينتقل جيشٌ ولم يخطُ قائد

وما البطل المغوار من مارس الوغى

ولكنه من مرنته الشدائد

كسبت العدو العاقل اليوم بعدما

مضى زمن وهو المصرُّ المعاند

وصادقت من لو أدرك الناس كلهم

صداقته لم يبق في الأرض حاقد

سيخرج من كل المدائن جنده

وما هو مطرود وما أنت طارد

ومنك له حول القناة مضارب

بأمرك تُحمَى سُبْلُهُ والمراصد

وحسبك ود الند منه وحسبه

مرافق في الوادي له وموارد

ولا صلح إلا صلحك العادل الذي

تساوت به للجانبين الفوائد

أيخشَى على النيل الوفي سدوده

مريبٌ وقد آلت إليك المقالد

تصرِّفُه بين الشقيقين بعد ما

نبت بالشقيقين الخطوب النواكد

فهل ترجع اليوم القرون التي خلت

فيشهد لابن اليوم جدٌّ ووالد

هنالِكَ من تكريم قدرك ما هُنا

ينافس منك الأقربين الأباعد

ويرفعك الشعب الذي بك عزه

وفيك سجاياه وفيك المحامد

ويحشد لاستقبالك الملك كله

وإن ليوم الفصل ما هو حاشد

أتى يتلقى اليوم منك مصيره

وقد حملته أنفس وسواعد

ولو شمل الدنيا مرادك كله

لما كان في الدنيا مسود وسائد

قضى ملك الوادي على كلِّ مرجفٍ

فلم يبق مرتاب ولم يبق جاحد

وأهداك ما أرضى العلى وهو عالم

بأنك إلا في هداياه زاهد

وكان لزاماً أن يرى ما رأيته

لدولته منه حسيب وناقد

أللغاضب الباغي عليك بقية

من العذر إلا أنه لك حاسد

تحملت عنه عزمه وهمومه

وساءك منه أنه لك كائد

وظن جديد الأمر جاءك خاذلاً

فجاء جديد الأمر وهو المساعد

ولم تجد العمال إلا كغيرهم

أماجد لاقاهم على الخير ماجد

تقربت منه كابراً وتقربوا

فما طال ميعاد ولا حال واعد

ومثلك إنساناً وجدت كبيرهم

فما هو عملاق ولا هو مارد

إذا اختلفت آراؤهم في شؤونهم

فرأيهمُ في شأنك اليوم واحد

وقد فقد الرهط المكان الذي له

ولا يسترد الرهط ما هو فاقد

وأغضبه ترك الفريسة فاعتدى

عليك وأعياه الذي أنت صائد

تردد بين المسلكين فما به

لشيعته إلا الظنون الشوارد

يطيش به صبيانه في خلائهم

وتهذي به صحْف خساسٌ كواسد

أمن يتولى الحكم والحكم صالح

كمن يتولى الحكم والحكم فاسد

ولو ذكر المحروم ما أنت زارع

لما فاته بعض الذي أنت حاصد

ولو شئت للباغي المسيء عقوبة

لما فارقتْ تلك الرقابَ المقاود

وقد يجد الأعذار عندك مخطئٌ

إذا عدم الأعذار عندك عامد

تنبَّأتُ بالعقبى التي لك فضلها

وجاءتك مني بالغيوب القصائد

وإني بشير الملك والملك واثقٌ

بأنك في دست الوزارة خالد

وحكمك وهو الحق والعدل نافذ

وقدرك عند الشعب والعرش زائد