أكذا آخر الحياة يكون

أكذا آخر الحياة يكونُ

وإلى الموتِ ينتهي التكوينُ

ليس يدري المنونُ حين رمانا

أيّ قلبٍ منّا أصابَ المنون

ليس للدهرِ في سراهِ اعتدال

كل يوم تبِين منه شئون

فجعتْنا صروفه وأصابت

وطناً راعَهُ الزمانُ الخؤونُ

برهنتَ للورى الوقائعُ منهُ

أنّ أرواحنا لديه رهونُ

فكأن الحِمامُ آلات قطعٍ

وكأنّ الأجسامُ منا غصونُ

يُظهر الود للفتى ثم يجفو

ويصافي حيناً وحيناً يخونُ

يبلغ المرء ما يروم ولكن

بعد تحريكه يكون السكونُ

ولكم قد رمى الورى بكروبٍ

هائلات تندكّ منها الحصونُ

تمرح الناس آمنينَ خطاهُ

وهو للفتك بالنفوسِ كمينُ

كيف يرجى من الزمان أمانٌ

ولقد خاب في الزمانِ الظنونُ

غيّبتْ في التراب شمس المعالي

فاعترى الأفقَ لوعةٌ وشجونُ

وثوت في الثرى فما ثَمَّ إلاَّ

أسف يوم فقدها وأنينُ

وتولت عنّا فلا قلب إلا

من نواها مروَّع محزونُ

فاسفحي الدمع يا محاجر حزناً

وأهجري النومَ والكرىَ يا جفونُ

وأعيني على البكا يا مآقي

فعلى البؤس كل خل يعينُ

لا تبقّى من المدامع شيئاً

كل خطبٍ من بعد هذا يهونُ