خل العزاء فذا مصاب أكبر

خلّ العزاء فذا مصابٌ أكبرُ

ودَع القلوب من الأسى تتفطرُ

وأترك لرزء المجد آفاقَ السما

تغبرّ حزناً والكواكبَ تنثرُ

والبدر يبدو في ثيابِ محاقهِ

والشمس من فرط الأسى تتكدر

وذر الجبال لِما ألمّ خواشعاً

متصدعات والبحارَ تسجّر

والأرض تبعد عن طريق مدارها

لمصابها ويضلّ عنها المحور

والريح تسري لازدياد ذهولها

نكباء يعقد من سراها العِثْيَرُ

وأطلْ بكاءك واهجر النوم الذي

في مثل هذا اليومَ طبعاً يهجرُ

مهما تعاظمت المصائب فهي إن

قيست بهذا الرزء ليست تذكرُ

سارت لباريها وحسنُ ثنائها

يبدي على سمع الورى ويكرّرُ

مَن للمفاخر والمعالي بعدها

مَن للملآثر والمكارمِ ينظرُ

لهفي على شمس المبرة تختفي

لهفي على بدر التقى يتسترُ

لهفي على شفق الكمال ونورهِ

أمسى يُغيَّب في الترابِ ويقبرُ

لهفي على الأرواح تفجع بالنوى

لهفي على مهج الورى تتسعر

لهفي على الآماق يُدميها البكا

لهفي على عبراتها تتحدرُ

لهفي على صبر تعذّر بعدها

ما كنت أحسب أنهُ يتعذرُ

فالأرض تبكي حسرةً وجميعُ مَن

فوق السموات العلى يستبشرُ

جنحت إلى دار النعيم ويممت

ساحات جنات ثراها العنبرُ

حيث القطوفِ مذللاتُ والجنى

دانٍ وأزهارُ الخمائلِ تزهرُ

حيث الكؤوس تدُور مترعةً وفي

ما بين تلكَ الدورِ تدري الأنهرُ

حيث النعيمَ يدورُ والرضوانُ لا

ينأى وصفوُ العيشِ لا يتكدرُ

حيث العبارةُ في القصور وما حوت

تلك القصورُ من المحاسنِ تقصرُ

يا ربِّ حيّ ضريحها بتحيةٍ

من رحمة أفرادها لا تحصرُ

وأسكب عليها من رضاكَ سحائباً

طول الزمانُ على ثراها تمطرُ