صاح استمع خبرا يبدي لك العبرا

صاح استمعْ خبراً يبدي لك العبرا

أمسى حديثَ بني الأشواق والسمرا

فتى من الترك في وادي دمشق رأى

بين الرياض فتاة تخجل القمرا

أحبها وأحبته فما لبثا

أن أحدث الحب في قلبيهما شررا

تواعدا بالتلاقي فوق منعرج

عن الورى كان بالأشجار مستترا

وكان في الحي واشٍ من عداتهما

فظٌّ غليظ يحب الشر والضررا

درى الشقيُّ بسر الوعد بينهما

وليته ألهم الإرشاد حين درى

فبات في الموعد المضروب مرتقباً

لقياهما ثائر الأحقاد منتظرا

حتى إذا سادت الظلماء لاح له

ظل يسير الهوينا مقبلاً حذرا

فصاح من ذلك الساري فروَّعها

لِما بدا من تعدِّيه وما ظهرا

فأدبرت نحو دار الصب باحثة

عنه فما علمت من أمره خبرا

لكنها إذ رأت مفتاح مضجعه

في بابه دخلته تتقي الخطرا

وبعد ذا رأت الغدار مقترباً

من دار صاحبها كالسيل منحدرا

واستبطأت أوبة المحبوب فادرعت

بدرعه وانتضت بتّاره الذكرا

ونازلت ذلك الباغي فما لبثت

أن جندلته قتيلاً لم ينل وطرا

وأطفأت بالدم المسفوك منه لظى ال

حقد الذي كان في جنبيهِ مستعرا

وغادرت في فيافي البر جثتَه

فأنشب الوحش فيها الناب والظفرا

وكان صاحبها في البيت منفرداً

جم الغرام يقاسي الشوق والفِكَرا

وقام يستطلع الأحوال مضطرباً

كأنه بتَعَدِّي المعتدي شعرا

ضل الطريق التي فيها الفتاة سرت

فلم يمتع بمرأى وجهها النظرا

ثم انثنى فرأى شيئاً يلوح له

كالبرق يلمع في وسط الفلا سحرا

وكان مَرْئِيُّهُ عقداً لسوسنَ في

أثناء فتكتها بالمعتدي انتثرا

فحار لما رآه فوق رابية

مخضوبة بدم المقتول حين جرى

وقال يا عقد أنَّى فرّ قاتلها

بل كيف فارقت ذاك الجيد والنحَرا

وهام مضطرب الأفكار يبحث عن

ذاك العدو فلا يلقى له أثرا

حتى انتهى فرأى في قربه شبحاً

لما رآه عليه مقبلاً نفرا

فارتاب في أمر هذا الظل يحسبه ال

وغد الذي لدم الحسناء قد هدرا

فقال من وبحد السيف بادرها

وليتها جاوبته قبلما ابتدرا

خرت صريعة سيف الصبّ صارخة

وسط الفلاة صراخاً يفلق الحجرا

قتلتني ساهياً فاقبل مسامحتي

فلا ترد قضاء اللّه والقدرا

فاصح وا أسفي هل أنت صاحبتي

لا عيش لي وبماضي سيفه انتحرا

بدا الصباح وهبَّ الناس وانتشروا

فذاع أمرهما في الحي واشتهرا

واراهما جدث في وجهه كتبوا

بيتاً من الشعر يبكي الجن والبشرا

مثوى حبيبين لم يسمح بضمهما

قصرٌ فضمَّهما قبر به قُبِرا