من يذود الهموم عن مكروب

مَن يَذودَ الهُمومَ عَن مَكروبِ

مُستَكينٍ لِحادِثاتِ الخُطوبِ

حَوَّلَتهُ الدُنيا إِلى طولِ حُزنٍ

مِن سُرورٍ وَطيبِ عَيشٍ خَصيبِ

فَهوَ في جَفوَةِ المَقاديرِ لا يَأ

خُذُ يَوماً مِن دَولَةٍ بِنَصيبِ

خادِمٌ لِلمُنى قَدِ اِستَعبَدَتهُ

بِمَطالٍ وَخُلفِ وَعدٍ كَذوبِ

وَجَفاهُ الإِخوانُ حَتّى وَحَتّى

سَمِّ مَن شِئتَ مِن حَبيبٍ قَريبِ

شَغَلَتهُم دُنياهُ تَأكُلُ مِن دَر

رَت عَلَيهِ بِالحِرصِ وَالتَرغيبِ

وَأَرى وِدَّهُم كَلَمعِ سَرابٍ

غَرَّ قَوماً عَطشى بِقاعٍ جَدوبِ

طالَما صَعَّروا الخُدودَ وَهَزّوا ال

أَرضَ في يَومِ مَحفِلٍ وَرُكوبِ

ثُمَّ أَمسَوا وَفدَ القُبورِ وَسُكّا

نَ الثَرى تَحتَ جَندَلٍ مَنصوبِ

آهِ مِن ذِكرِ آخَرينَ رَماهُم

قَدَرُ المَوتِ مِن شَبابٍ وَشيبِ

بِدَعٌ مِن مَكارِمِ الفِعلِ وَالقَو

لِ وَإِخوانِ مَحضِرٍ وَمَغيبِ

لَستُ مِن بَعدِهِم أَرى صورَةَ الإِن

سِ يَقيناً إِلّا خَلائِقَ ذيبِ

صَحِبوا الوُدَّ بِالوَفاءِ وَصَحّوا

مِن نِفاقٍ وَالبِشرِ وَالتَقريبِ

كَم كَريمٍ يَرى الوَعدَ بُخلاً

مِنهُ قَلَّ لِكَثرَةِ المَوهوبِ

يَتَلَقّى السُؤالَ مِنهُ بِوَجهٍ

لَم يُخَدِّد خُدودَهُ بِالقُطوبِ

فَسَقاهُم كَجودِهِم أَو كَدَمعي

صَوبَ غَيثٍ ذي هَيدَبٍ مَسكوبِ

أُمَراءٌ قادوا أَعِنَّةَ جَيشٍ

يَترُكُ الصَخرَ خَلفَهُ كَالكَثيبِ

يَملَأونَ السَماءَ مِن قَسطَلِ الحَر

بِ وَفي الأَرضِ مِن دَمٍ مَصبوبِ

وَيَهُزّونَ كُلَّ أَخضَرَ كَالبَق

لَةِ ماضٍ عَلى الفُلولِ رَسوبِ

لا تَرى في قَتيلِهِ غَيرَ جُرحٍ

كَفَمِ العودِ ضَجَّ عِندَ اللَغوبِ

ضَربَةٌ ما لَها مِنَ الضَربِ جارٌ

أَخَذَت نَفسَهُ بِلا تَعذيبِ

فَهوَ لَو عاشَ لَم يُطالِب بِثَأرٍ

لا وَلا عَدَّ قَتلَهُ في الذُنوبِ

قُل لِدُنيايَ قَد تَمَكَّنتِ مِنّي

فَاِفعَلي ما أَرَدتِ أَن تَفعَلي بي

وَاِخرُقي كَيفَ شِئتِ خُرقَ جَهولٍ

إِنَّ عِندي لَكِ اِصطِبارَ لَبيبِ

رُبَّ أُعجوبَةٍ مِنَ الدَهرِ بِكرٍ

وَعَوانٍ قَد راضَها تَجريبي

رُدَّ عَنّي كَأسَ المُدامِ خَليلي

إِنَّ نَفسي صارَت عَلَيَّ حَسيبي

وَبَدَت شَيبَتي وَتَمَّ شَبابي

وَاِنتَهى عاذِلي وَنامَ رَقيبي

وَتَنَحَّيتُ عَن طَريقِ الغَواني

وَالتَصابي وَقُلتُ يا نَفسِ توبي

وَلَقَد حَثَّ بِالمُدامَةِ كَفّي

شادِنٌ حاذِقٌ بِصَيدِ القُلوبِ

جاءَنا مُقبِلاً فَأَيُّ قَضيبٍ

ثُمَّ وَلّى عَنّا فَأَيُّ كَثيبِ

وَلَقَد أَغتَدي عَلى طائِرِ العَد

وُ جَوادٍ مُسَوَّمٍ يَعبوبِ

فَإِذا سارَ دُكَّتِ الأَرضُ دَكّاً

بَعدَ إِذ رامَها بِذَيلِ عَسيبِ

قارِحٍ زانَهُ خِمارٌ مِنَ العُر

فِ يُفادي بِالسَبحِ وَالتَقريبِ

ذاكَ مَن لَذَّني وَزَيّافَةُ المَش

يِ خَنوفٍ نَجيبَةٍ لِنَجيبِ

ضَربُها زَجرُها إِذا اِستُعمِلَ السَو

طُ وَعَضَّ المَطِيَّ طولُ الدُروبِ

إِن تَرَيني يا شَرُّ مُلقىً عَلى الفُر

شِ وَقَد مَلَّ عائِدي وَطَبيبي

كُنتُ رَيحانَةَ المَجالِسِ في السِل

مِ وَحَتفَ الأَبطالِ يَومَ الحُروبِ

وَعِداً صَبَّحتُهُم بِرَحى جَي

شٍ رُكامٍ مِثلِ الدَبى المَجلوبِ

يَلِغُ الذِئبُ مِنهُمُ كُلَّ يَومٍ

في نُحورٍ مَعطوطَةٍ كَالجُيوبِ

وَلَقَد أَكشِفُ الخُطوبَ بِرَأيٍ

لَيسَ عَنهُ الصَوابُ بِالمَحجوبِ

مُنضَجٍ غَيرِ مُعجَلٍ وَهوَ إِن أُم

كِنَ في فُرصَةٍ سَريعُ الوُثوبِ

وَأُعافي العافينَ مِن سَقَمِ الجو

عِ وَأَسقي سَيفي دَمَ العُرقوبِ

وَلَقَد صِرتُ ما تَرينَ فَإِن كا

نَ حِماماً يا شَرُّ هَذا الَّذي بي

فَإِذا ما اِبتَلاكِ شَيءٌ فَميلي

أَو فَدومي عَلى البُكا وَالنَحيبِ