صحبي قفوا مليتكم صحبا

صَحبي قِفوا مُلّيتُكُم صَحبا

فَاِقضوا لَنا مِن رَبعِها نَحبا

دارٌ كَأَنَّ يَدَ الزَمانِ بِأَن

واعِ البِلى نَشَرَت بِها كُتبا

أَينَ الأُلى كانوا بِعِقوَتِها

وَالدَهرُ يَسكُبُ ماءَهُ سَكبا

إِذ فيهِ كُلُّ خَريدَةٍ فُنُقٍ

عُذرُ الفَتى إِن هامَ أَو حَبّا

فَرَغَ الوِشاحُ بِها وَقَد مَلَأَت

مِنها الشَوى الخَلخالَ وَالقُلبا

وَإِذا تَهادَت خِلتَها غُصُناً

لَدناً تُلاعِبُهُ الصَبا رَطبا

نَصَبَت لَهُ البَلوى مُنَعَّمَةً

جُعِلَت لِناظِرِ عَينِهِ نَصبا

قَصَدَت لَهُ قَبلَ الفِراقِ فَما

أَبقَت لَهُ كَبِداً وَلا قَلبا

قُل لِلجُلودِيِّ الَّذي يَدُهُ

ذَهَبَت بِمالِ جُنودِهِ شَعبا

اللَهُ أَعطاكَ الهَزيمَةَ إِذ

جَذَبَتكَ أَسبابُ الرَدى جَذبا

لاقَيتَ أَبطالاً تَحُثُّ إِلى

ضَنكِ المَقامِ شَوازِباً قُبّا

فَنَزَلتَ بَينَ ظُهورِهِم أَشِراً

فَقَرَوكَ ثَمَّ الطَعنَ وَالضَربا

ضَيفاً وَلَكِن لا أَقولُ لَهُ

أَهلاً بِمَثواهُ وَلا رَحبا

في حَيثُ تَلقى الرُمحَ يَشرَعُ في

نُطَفِ الكُلى وَالمُرهَفَ العَضبا

وَالخَيلُ سانِحَةٌ وَبارِحَةٌ

وَالمَوتُ يَغشى الشَرقَ وَالغَربا

وَالبيضُ تَلمَعُ في أَكُفِّهِمِ

رَأدَ الضُحى فَتَخالُها شُهبا

ثُمَّ اِنثَنَت عَيناكَ قَد رَأَتا

أَمراً فَأَودَعَتِ الحَشا رُعبا

وَشُغِلتَ عَن دَبغِ الجُلودِ بِما

نَشَرَ البَلاءَ وَجَلَّلَ الخَطبا

وافَتكَ خَيلٌ لَو صَبَرتَ لَها

لَنَهَبنَ روحَكَ في الوَغى نَهبا

هَيهاتَ لَمّا أَن بَصُرتَ بِهِم

أَغشَوكَ ثَوبَ الجَهدِ وَالكَربا

وَحَسِبتُهُم أُسداً أَساوِدَ أَو

إِبِلاً تَصولُ قُرومُها جُربا

مِن حَيِّ عَدنانٍ وَإِخوَتِهِم

قَحطانَ لا ميلاً وَلا نُكبا

وَرَأَيتَ مَركِبَ ما أَردتَ بِهِم

صَعباً وَمَغمَزَ عودِهِم صُلبا

وَرَمَيتَ طَرفَكَ ناظِراً فَرَأى

في كُلِّ أَرضٍ موقِداً حَربا

وَعُصِمتَ بِاللَيلِ البَهيمِ وَقَد

أَلقى عَلَيكَ ظَلامُهُ حُجبا

فَسَرَيتَ تَغشى البيدَ مُجتَزِعاً

بِالعيسِ مِنها الحَزمَ وَالسَهبا

وَتَرَكتَ جُندَكَ لِلقَنا جَزَراً

وَالبيضُ تَجذِبُ هامَهُم جَذبا

قَتلاً وَأَسراً في الحَديدِ مَعاً

يَتَوَقَّعونَ القَتلَ وَالصَلبا

فَاِشكُر أَيادِيَ لَيلَةٍ سَمَحَت

لَكَ بِالبَقاءِ وَرَكبَها رَكبا

بَل لا تُؤَدّي شُكرَها أَبَداً

حَتّى تُصَيِّرَها لَكُم رَبّا