ألمت ودوني من تهامة بيدها

أَلَمَّت وَدوني مِن تِهامَةَ بَيدُها

وَعَهدي بِها عَنّي كَثير صُدودُها

يَمانِيَّةَ لِلبَدرِ شُبِّهَ وَجهُها

وَلِلظَّبي مِنها مُقلَتاها وَجيدُها

سِرتَ تَستَزيدَ الوَشي بَيني وَبَينَها

وَهَل لي وُد غَيرُها فَأَزيدُها

أَلَمَّت وَرحلي بَينَ شَعب رَمَت بِهِم

وَلي هِمَمٌ في رِفعَة أَستَزيدُها

وَقَد علقوا أَنضاءَنا بِرُؤوسِهِم

وَلَو خَلِيَت كانَ الكَلالُ قُيودُها

وَساعَدَها في النَومِ بيض أَوانِس

قِصار الخُطى بيضُ السَوالِف غَيدُها

تَضَوَّعَ مِنهُنَّ العَبير كَأَنَّما

أَتَتكَ بِغارِ المِسكِ غِباً برودُها

أَغَضَّ مِن الوَردِ الجَنيِّ خُدودها

وَأَرشَق مِن شَرقِ الرِياضِ قُدودُها

فَكَم مِن يَدٍ أَولَيتَني فَجَحدتُها

وَشُكر أَيادي الغانِيات جُحودُها

وَلَيسَ سفاحاً جئنَ لكن مُهورها

صَحيحُ وِدادٍ وَالغَرام يَقودُها

سَل اللَهَ تَهويم الكَرى لَيسَ غَيره

لَعَلَّ الكَرى يَوماً إِلَيكَ يُعيدُها

أَيا حَبَّذا أَرض السَراةِ وَحَبَّذا

تَهائِمها مِن أَجلِها وَنجودُها

عَلى أَنَّهُم بانوا وَبَينَ جَوانِحي

هَوى مِثلَ لَذعِ النارِ شَبَّ وَقودُها

وَلَم أَنسَها يَومَ النَوى وَقَد التَقى

جمانان جاري دَمعها وَعُقودُها

لَها مَبسَم يَحكي المَساويك إِنَّهُ

بَعيد الكَرى عَذب الثَنايا بُرودُها

وَهَل منصف مِنها فَيَلزم قَومها

حمالة ما قَد أَتلَفَت أَو يَقيدُها

فَدَع ذكر سَعدى إِن فيكَ بَقيَّةَ

إِلّا إِنَّما يَبغي المَها مِن يَصيدُها

أَتَرضى بِعَيش المقتَرين وَهَذِهِ

أَنامِل نور الدَولَة إِنهَلَّ جودُها

دَعى جودَ ذي العزَين عيسى وَلَم يَزَل

مِن اليمن الأَقصى نَداهُ يَقودُها

فَجاءَتهُ مَكتوباً عَلى حَرِّ وَجهها

حَرامٌ إِلى غَيرِ الأَمير وَخيدُها

سَليل مُلوك مِن ذؤابَة عامِرٍ

تُرَجّى عَطاياها وَيُخشى وَعيدُها

مهذَّبها قَمقامها تاج فَخرِها

موفَّقها في كُلِّ رأي سَديدها

مقدمها في كُلِّ حَرب شجاعها

مُدَبِّرُها في كُلِّ خَطبٍ حَميدها

مكرَّمها مفضالها لَو ذعيُّها

وَمَلجأؤها في النائِباتِ عَميدها

مُسوَّدُها مقدامها كَنز عِزَّها

سنميدعها مصداقها وَرَشيدها

تَخُرُّ لَهُ الأَملاك في الأَرضِ سُجَّدا

وَقَلَّ لَهُ تَعفيرَها وَسُجودَها

إِذا ما ابتَدى يَوماً بِنعمي أَعادَها

وَيا رَبَّ مبدي نِعمَةٍ لا يُعيدُها

يَحن إِلى أَسمائِهِ كُلَّ مِنبَرٍ

فَلَو يَستَطيع اهتَزَّ واخضَرَّ عودُها

يَسودُ عُقيلاً وَهيَ لِلناسِ سادَةً

وَلا بُدَّ لِلساداتِ مِمَّن يَسودها

يُدافِعُ عَن أَحسابِها بِنَوالِهِ

وَيَحمِل عَن أَشياخِها ما يوؤدُها

وَيَردي أَعاديها بِكُلِّ كَتيبَةٍ

يَرُدُّ عُيونَ الناظِرينَ حَديدُها

ثَقيلٌ مَلاقيها خَفيف رُكوبها

كَثيرٌ سَباياها قَليل عَديدُها

إِذا وَقَعوا في وَقعَةٍ أَوقَعوا بِها

وَبالاً فَهُم أَشبالِها وَأسودُها

وَخاضوا إِلى المَوتِ الصَفائِح وَالقَنا

وَهانَ عَلَيهِم صَعبُها وَشَديدُها

هوَ البَحرُ إِلّا أَنَّهُ طابَ وَردُهُ

وَكَم مِن بِحارٍ لا يَطيب ورودُها

وَما البَرقُ إِلّا دوحَة هوَ ماؤُها

وَلا غاضَ مِنها الماء ما اخضَرَّ عودُها

رَأَيتُ الوَرى أَتباع آل مُسَيَّبٍ

وَلَولا كَلامُ الناسِ قلت عَبيدُها

وَلَو أُمَّ عاف طفل آل مُسَيَّبٍ

لِقاسِمِهِ در الرَضاع وَليدُها

تُقِرُّ عَقيلٌ بَل نزار بِفَضلِهِم

وَلَو أَنكَرت يَوماً أَقَرَّت جُلودُها

مُلوكَ أَضافَت ما احتَبَت بِسُيوفِها

وَزادَت عَلى ما أَورَثَتها جُدودُها

يَلوحُ ضِياء المُلكِ فَوقَ جِباهِها

إِذا أَخفَقَت راياتها وَبنودُها

مُلوكٌ شَرَت حُسنَ الثَناءِ بِمالِها

فَأَضحى حَميداً حَيُّها وَفَقيدُها

فَلو كانَ جودَ المَرءِ يَخلِدُ ربه

لَدامَ عَلى رَغمِ العَدوِّ خُلودُها

غَيوثٌ وَلَكِن قَطرِها المال وَالنَدى

ليوثٌ وَلَكِن المُلوكَ صُيودُها

بكم بَلَغَت كَعبٌ مَناها وَرَبُّها

يَتِمُّ لَها نُعماؤُها وَيَزيدَها

وَدانَ لَها شَرق البِلادِ وَغَربِها

وَذَلَّ لَها شُمسُ المُلوكِ وَصَيدُها

فَكَم صَعِدَت خُطّابِها كل مِنبَرٍ

وَلَولاكُم واللَهُ قَلَّ صُعودُها

أَتى العيدُ فاسعَدَ أَلفَ عامٍ بِمِثلِهِ

فَأَنتَ لأَبناء المَظالِم عيدُها

إِذا ما حَلَلتَ الأَرض وَلَّت نُحوسها

وَأَقبَلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ سُعودُها

وَكَيفَ يَحِلُّ الجَدب أَرضاً تَحلها

وَكَفُّكَ غَيث لا يَزال يَجودُها

فَكَم لَيلَةٍ سِرنا إِلَيكَ شَوازِياً

سُواء عَلَيها مَيلُها وَبَريدُها

وَمالَت رِقاب القَوم بِالنَومِ فالتَقَت

مَناكِب أَبناء السُرى وَخُدودُها

وَغَنّى مُغَنِّيَنا بِمَدحك مِثلَما

عَوى بشرورى آخر اللَيلِ سيدُها

وَقَد وَعدتني النَفس عِندَكَ بِالغِنى

فأجدر بِها ألا تَخيب وُعودُها

وَلَولاكَ ما جِبنا الفَلاةَ وَلا اِنطَوى

لأنضائِنا طَي الرِداءِ بَعيدُها

سَأكسوكَ مِن مَدحي عَلى النأي حلة

يَدوم عَلى مَرِّ الجَديد جَديدُها

وَأَشكُر نُعماءً بِمَدحِكَ نِلتُها

وَمِمَّن حَباها دائِماً أَستَزيدُها