ألا غادها مخطئا أو مصيبا

ألا غَادِها مُخطِئاً أو مُصِيباً

وسِرْ نحوَها داعياً أو مجيبا

وخذْ لَهَباً حَرُّه في غدٍ

إذا الحَرُّ قارنَ يوماً لَهِيبا

دعانا الخريفُ إلى مَوْطِنٍ

يفوقُ المواطنَ حُسناً وطِيبا

وقد جُمِعَ الحُسْنُ في روضةٍ

وفرَّقَ دِجلةُ فيه شُعوبا

وَمُضْطَربٍ وشيُ أبرادِه

يُضاحكُ وَشْيَ النِّجادِ القَشيبا

نُشيِّدُهُ إن نَزلنا ضُحىً

ونَهدِمُه إن رحلْنا الغُروبا

كأنَّا ارتَبطنا بهِ نافراً

من الخيلِ يُفرِقُ شخصاً مَهيبا

فبِتْنا وبات نسيمُ الصبَّا

يُدَرِّجُ في جَانبيه الكَتِيبا

يكادُ على ضُعفِ أنفاسِه

يُطيرُ على الشَّربِ تلك الشُّروبا

وقد حجبَ الأرضَ ريحانُنا

فلم يَبْقَ للعينِ منها نَصيبا

كأنَّا على صفحَتيْ لُجَّةٍ

تُلاقي الشَّمالُ عليها الجَنوبا

فمن طَرَبٍ يستفزُّ النُّهى

ومن أدبٍ يَستَرِقُّ القُلوبا

وساقٍ يقابلُ إبريقَه

كما قابل الظَّبيُ ظبياً رَبيبا

يطوفُ علينا بشمسِيَّةٍ

يروعُ بها الشمسَ حتى تغيبا

وينشرُ صيَّادُنا حولَنا

لُباباً من الصيدِ يُرضي اللَّبيبا

سَبابيطَ تُخبِرُ أجسامُها

بأنْ قد رَعَيْنَ جَناباً خَصيبا

نَواعمَ لو أنها باشرَتْ

هواءً لأحدثَ فيها نُدوبا

فلولا الدروعُ التي قُدِّرَت

لأبدانِها أوشكَتْ أن تَذُوبا

وتُبْعَثُ للبرِّ وحشيّةٌ

تسوقُ إلى الوحشِ يوماً عَصيبا

مُؤدبةٌ يُرتَضي فعلُها

ولم نزَ ليثاً سِواها أديبا

وتُركيَّةُ الوَجهِ تُبدي لنا

إخاءً فصيحاً ووجهاً جَلِيبا

تُعانِقُ إن وثَبتْ صيدَها

عناقَ المحبِّ يُلاقي حبيبا

طِراداً صحيحاً وخُلْقاً صَبيحَاً

ووَثباً مليحاً وأمراً عَجيبا

فقَد مَلكتْ وُدَّ أربابِها

فكلٌّ يخافُ عليها شَعوبا

وللماءِ من حولِنا ضَجَّةٌ

إنِ الماءُ كافحَ تلك العُروبا

جبالٌ تؤلِّفُها حِكمةٌ

فتَحبو البحارَ بها لا السُّهوبا

تُقابِلنا في قميصِ الدُّجى

إذا الأفقُ أصبحَ منه سَليبا

حيازيمُها الدَّهرَ منصوبةً

تُعانِقُ للماءِ وَفْداً غَريبا

عَجِبْتُ لها شاحباتِ الخدو

دِ لم يُذهِبِ السَّرْيُ عنها الشُّحوبا

إذا ما هممْنا بِغِشْيَانِها

رَكِبْنا لها وَلَداً أو نسيبا

تُغَنِّي السُّكورُ لنا بينَها

غَناءً نَشُقُّ عليه الجُيوبا

يُجاورُها كلُّ ساعٍ يَرى

وإن جدَّ في السَّيرِ منها قَريبا

خَليُّ الفؤادِ ولكنَّه

يَحِنُّ فيُشجي الفُؤادَ الطَّروبا

فيا حبَّذا الديرُ من منزلٍ

هَصَرْنا به العيشَ غضّاً رطيبا

إذا ما استَحَمْنا به برهة

حَمتْنا بدائعُه أن نَخيبا