هذي المعارف منهم فتعرفا

هذي المَعارِفُ منهمُ فتَعَرَّفا

وَقِفا لعلَّ الرَّكْبَ أن يتوقَّفا

إن تَجفُها ديَمُ السَّحابِ فما جَفا

أطلالَها دمعٌ يُرَقْرِقُه الجَفا

وَلِئنْ شَكَتْ حَيْفَ الزَّمانِ لقَد مَشى

بالبَيْنِ في حافاتِها مُتَحَيِّفا

عُقِلَتْ ركابُ سُرورِنا في ظِلِّها

ولكَمْ سَرى فيه السُّرورُ فأوْجَفا

أيَّامَ إنْ وَعَدَ الحبيبُ مُتيَّماً

وصلاً وَفَى وإذا تَوَعَّدَ أَخلَفا

ومُهَفْهَفٍ كالشَّمسِ سالَمَ نورُه

ظُلَمَ الدُّجى أو كالقضيبِ تَعَطُّفا

يُهدي لعاشِقِه الحُتوفَ فإن بدا

أنسَتُهُ سالفِتاهُ ما قد أسلَفا

وكأنما أبدى لنا بمُدامِه

وجَمالِه صاعَ العزيزِ ويوسُفا

فعَلامَ تَقرِفُني الوُشاةُ وإنما

نَازَعْتُه صَهباءَ كَرْمٍ قَرقَفا

واللَّيلُ قد ضَعُفَتْ قُوى ظَلمائِه

فالنَّجمُ فيه يُديرُ لَحْظاً مُدْنَفا

حتَّى تَكَشَّفَ صُبحُه فحسبِتُه

لضِيائِهِ خُلُقَ الأميرِ تكشَّفا

مَلِكٌ خلائِقُهُ الزَّمانُ وصَرْفُه

فبِفِعْلِه جارَ الزَّمانُ وأنصَفا

إنْ قَطَّبَ البُخَلاءُ أسفرَ وجههُ

أو أسرَفُوا في المَنْعِ جارَ فأسرَفا

مُتَبرِّعٌ بنَوالِه جارٍ على

كَرَمِ الطِّباعِ إذا اللَّئيمُ تكلَّفا

ومُشَتِّتٌ شَمْلَ اللُّهى بأناملٍ

جمَعَتْ له شَمْلَ العُلى فتألّفا

لولا نَوالُ يَدِ الغَضَنْفَرِ أصبحَتْ

عَرَصاتُ هذا المجدِ قاعاً صَفْصَفا

لَحَظَ الوَليَّ فعاد منه مُؤَمَّلاً

ورمى العَدُوَّ فراحَ منه مُخوَّفا

شِيَمٌ أَرَقُّ من النَّسيمِ وربَّما

عَصَفَتْ جَنائِبُها فعادَتْ حرجَفا

كم مَوقِفٍ لم يَلْقَ فيه كُماتُه

إلاّ على أجسامِ قَوْمٍ مَوقِفا

ضَنْكٍ إذا جَلَتِ السُّيوفُ قَناتَه

رَفَعَتْ حوافِزُهُ ظَلاماً مُغْدِفا

أقدمتَ فيه تهُزُّ أسمرَ ذابلاً

لَدْناً لأرواحِ العِدا مُتَخَطِّفا

فإذا تأوَّدَ صَدْرُه من طَعْنَةٍ

نَجلاءَ عادَ بغيرِها فتثقَّفا

فاسلَمْ لكلِّ فَضيلَةٍ معروفَةٍ

لولاك طالَ على الوَرى أن تُعرفا

والبَسْ غرائبَ مَدْحَةٍ دبَّجتُها

فكأنَّما دَبَّجْتُ منها مِطرَفا

من كلِّ بيتٍ لو تَجَسَّمَ لَفظُه

لرأيتَه وَشْياً عليكَ مُفوَّفا

ولَئِن تَوقَّفَ جُودُ كَفِّكَ مُعْرِضاً

عنّي فلم يَكُ قبلَها متوقِّفا

خُلِّفْتُ في حَظِّي لدَيْكَ وإنَّني

لأُحِبُ شُكري أن يُرى مُتَخَلِّفا