تراك ترى غدوا أو أصيلا

تراك تَرى غُدوّاً أو أصيلا

يعود ولم يُعِدْ خطباً جليلا

وهل تلقى مَقيلاً من همومٍ

وجدن حِشاك للبلوى مَقيلا

بلى هي تلك تأكلني سميناً

أصابتني فتُمعِنُ أو هزيلا

نواهض بعد لم أنهض بعبءٍ

وقد قرَّبن آخَر لي ثقيلا

كموج البحر خطبٌ إثرَ خطبٍ

فليت الدهرَ روَّحني قليلا

إلام أصاحب الأيامَ جَلْداً

وجسمي ليس يَصحَبني نحولا

أعاركها ولي لا بدَّ منها

غداً قِرنٌ يغادرني قتيلا

وما خطبٌ أجبتُ نداءَ حزني

له ودعوتُ يا دمعي نزولا

كصبح حين صبَّح أمسِ عيني

أراني كيف أغتبقُ العويلا

ومفجوعين من أبناء سعدٍ

فروع علاً يبكُّون الأصولا

رضُوا بالصمت من حزنٍ خشوعاً

وقد وجدوا إلى القول السبيلا

وما استغفرتُمُ إلا لشخصٍ

أعدّ ليومه الذخر الجزيلا

وحاكت أمّكم للحشر ثوباً

عريضاً من نزاهتها طويلا

ستلبسه غداً ويطول عنها

فتُلحقكم شفاعتُها الفضولا

سقى يا قبر ساقيتَيْ دموعي

وما عطشاً سألتُ لك السيولا

محلّتك المنسِّيَتي شبابي

ومنزلك المذكِّرني الرحيلا

سحابٌ يُنبت الحصباءَ خِصباً

ويؤهلُ صوبُهُ الرَّبعَ المُحيلا

ولا برح النسيم ثراك حتى

يجرّرَ فوقه الروضُ الذيولا

لقد أنطقتَ خرساءَ النواعي

وعلَّمت المؤبِّن أن يقولا

وقالوا ما يمسُّك من مصابٍ

عداك الأهلَ والأبَ والقبيلا

فقلت وهل جَناني منه خالٍ

إذا ما ناب تِرْباً أو خليلا

أبا الغاراتِ إن الصبر حصنٌ

من التسليم عيبُك أن يميلا

قبيحٌ والفضائلُ عنك تُروَى

يُبَصَّر مثلُك الصبرَ الجميلا

وما شمسُ النهار وأنت بدرٌ

بمزعجةٍ إذا عزمتْ أفولا

أعرْها كلّما صعُبتْ عزاءً

يريك وعُورَ مَسلكها سُهولا

وصن بالصبر قلبَك وهو سيفٌ

قراعُ الهمّ يملؤه فلولا

إذا رضيَ الحجورَ الموتُ قِسماً

فمشكور بما ترك الفحولا