لمن الطلول كأنهن رقوم

لمن الطلول كأنهنَّ رقومُ

تَضْحَى لعينك تارة وتَغيمُ

يعهَدنَ بالإقواءِ عهداً حادثا

وكأنّه مما بَلينَ قديمُ

ما كنتُ أعرفُ أنهنَّ نشيدتي

حتى تحدَّث بينهنّ نسيمُ

وكأنما عَبَقُ الترائب دلّني

أو ضلّ في عَرَصاتهنّ لطيمُ

أسمعتِني يا دارُ دون صحابتي

والوحيُ عند أخي الهوى مفهومُ

أين الموالكُ فيكِ أعناقَ المنى

والراقياتُ العيشَ وهو سليمُ

والسارياتُ لنا شموسا في الدجى

والطالعاتُ ضحىً وهن نجومُ

لا يُقتَضَيْنَ وفي الديون علهيمُ

قلبي ولا يُقضَى لهنّ غريمُ

لم يبقَ فيكِ لناشدٍ أوطارَه

إلا الوقوفُ عليكِ والتسليمُ

ومقيَّدٌ ذو رُمّتين كأنه

غِبَّ السواري مِعصم موشومُ

دُسْنا ترابَكِ بالمناسِم والهوى

لو أنه بشفاهنا ملثومُ

ومن الوفاء لساكنيكِ قيامُنا

وشكولُهن من الظباء جثُومُ

ولقد وقفتُ فما رُفِدتُ بمسعِدٍ

وشكوتُ لو سمِع الشكاةَ رحيمُ

والعينُ تسمَح ثم تبخلُ حَيْرةً

والركبُ يَعذِر تارةً ويلومُ

وكأنني فوق الرِّحالة خالعٌ

لعبت بأمّ عظامِهِ الخُرطومُ

لا الرهنُ يا لمياءُ مفكوكٌ ولا

حبلُ الوثيقة باللِّوى مصرومُ

يُنسَى كما تُنسَى المفاقرُ في الغنى

خلفَ الجوانح سرُّكِ المكتومُ

إنّ الذي عن بِغضةٍ زاورِتهِ

لونُ الصدود بِلمَّتي مأدومُ

حَكَمٌ يجورُ على سنيَّ وكيف بال

عَدْوَى عليه وأنتِ فيه خصيمُ

حمَّلتِنِي أوساقه ونفيتنِي

فأنا الطريدُ وغاربي المهدومُ

ماذا يمسُّكِ من شبابٍ راحلٍ

عنّي وبَلبالي عليكِ مقيمُ

أوما رأيتِ الشَّيبَ جانسَ لونَه

في العين دُرُّ لثاتِك المنظومُ

وعلى المقلَّد والمعصَّب منك بال

نسَبيْن أخوالٌ له وعُمومُ

أفتقنعين مع القرابةِ أنه

يُقصَى وإقصاءُ الأقاربِ لُومُ

لولا تلافِي الفجرِ خابطةَ السُّرَى

لقضى عليها الليل وهو بهيمُ

هيهات أعوزَ أن يجامَلَ مُبْغَضٌ

بخديعةٍ أو يُحمَدَ المذمومُ

ما عِفنَه حتى رأينَ ذُبولَه

كيف انتجاعُ النبتِ وهو هشيمُ

يا برقَةَ الفَودينِ إني لم أزل

للبرق من خللِ الخطوب أشيمُ

ما كنتِ أوّلَ ما الزمانُ محمِّلي

أنا عَوْدُه ذو الجُلْبة المزمومُ

يجنِي وعندي حاقرا لا عاجزا

فيما جناه الصبرُ والتسليمُ

أوفِضْ سهامَك يا زمانُ فإنه

ترمِي الحنيَّةُ والرميُّ سليمُ

نُطني بكلّ غريبةٍ محذورة

أَرجعْ إليك وداؤها محسومُ

إلاّ سؤالَ الباخلين فإنه

غُمَّى عليَّ سبيلُها مغمومُ

ولقد كفاني في العفافِ بصيرةً

ذلُّ الحريصِ ورزقُه مقسومُ

والناسُ إما واجدٌ متعذِّرٌ

أو مغرمٌ بالجود وهو عديمُ

هذا يضَنُّ وذاك يَقصُر مالُه

فقد استوى المحظوظُ والمحرومُ

إمَّا ترى نقدَ العيون يردُّني

والبابُ دوني مرتجٌ مقرومُ

عُريانَ من ورَق النضارة سوقطت

كِنَنِي وضاع ببُردِيَ التسهيمُ

مُلقىً تَنابذُني الأكفُّ كأنّني

قعبٌ تفاوتَ صدعُهُ مرجومُ

بين الغنى والفقر لا هو جاهلٌ

حظِّي ولا هو في الحظوظ حكيمُ

فوراءَ غِمدي صارمٌ ما ضرَّه

شعَثُ النّجاد وغربُه المثلومُ

خَلَسَ الردى قومي فأقعد نهضتي

أن لا يقومَ سواي حين أقومُ

ما جهد من وجد السلاحَ وَنفسُه

ملآى وَناصرُ غيظهِ معدومُ

وطىء الزمانُ بهم محاسنَ وجهه

فجبينُه بشِجاجِهِ مأمومُ

نُسِفوا بأيدي الحادثات كأنّهم

وَبَرٌ تطارده الصَّبَا مجلومُ

أُخِّرتُ عنهم للشقاوة بعدَهم

ونجا بهم من عيشِيَ التقديمُ

قَسَماً بها معهونةً أعناقُها

وظهورُها الموشيُّ والمرقومُ

قُطُراً تَراقصُ في الحبال إمامُها

مَرَحاً فيأخذ إِخذَه المأمومُ

مشْيَ الخرائد ينبعثن مع الطُّلى

حتى تعوقَ روادفٌ وجسومُ

يَطرحْن أشباحا بمكَّةَ كالقنا

شُعثاً وهنّ مسنَّماتٌ كُومُ

عقَدوا الحُبَى حيثُ الحلالُ محرَّم

بِمنىً وحيثُ يحلَّلُ التحريمُ

لَنَدى بني عبد الرحيم ومجدِهم

من جِنَّةِ الدنيا رُقىً وتميمُ

المانعوُن فما يُدَعْدَعُ جارُهُم

والحالبون وسرحُهم مصرومُ

فيهم عن النظَر المُريب تخاوُصٌ

وعلى جهالاتِ الزمانِ حُلومُ

وإذا السنونَ أحلْنَ أخلاقَ الحيا

أقلعنَ عنهم والكريمُ كريمُ

نصبوا على وضَح الطريق مَقارياً

في الجدب يُطعِمُ ليلُها ويُنيمُ

وتسلَّبوا للطارقين وأيقنوا

في الحمد أنّ الغانمَ المغنومُ

وإذا تزاحمت الخطوب وضاق عن

نَفَسِ الجبان ونَفْسِه الحَيزومُ

سلُّوا لهم آراءهم فتفرّجتْ

ومن السيوف خواطرٌ وعَزيمُ

وإذا الحسين رأيتَ سؤددَ نفسه

وصفَ البعيدَ المدرَكُ المعلومُ

بالصاحب ابتدأوا المكارمَ وانتَهوْا

فالفخرُ مفتتَحٌ به مختومُ

مدَّ الفراتُ فما وفَى بيمينه

وسما فحلَّق والسحابُ يحومُ

ورأى مكانَ نظيرهِ لصديقه

بالودّ وهو على الملوك زعيمُ

يا وافيا للملك والأخُ غادرٌ

ومصمِّما وحسامُه مهزومُ

ما ضرَّه يُتْمٌ وأنت له أبٌ

حانٍ وأمٌّ بالحفاظِ رَؤومُ

نامت عيون الكالئاتِ تواكُلاً

عنه وعينُك نومُها تهويمُ

حتى أعدتَ الدُّرْدَ من أنيابه

والليثُ مفتَرَسٌ بها مضغومُ

وأتاك معترِفا بزَلَّةِ رأيه

من كان يزعُم أنه معصومُ

إن الذي فتل العداوة كِفّةً

لك عاد قبل الصيد وهي رميمُ

ما زال يُنْشِبُ في المطامع كفَّه

حتى تحيّفَ ظُفْرَه التقليمُ

نطَحَ الصفاةَ أجمَّ يعلم إنَّها

لَتَرُدُّ ذا الرَّوْقَينِ وهو حطيمُ

قطع الحبالَ وجاء يركَبُ رأسَه

فهوى يودُّ لوَ اَنه مخطوم

يستولد الآمال شراً والمنى

أمٌّ على طول السفاد عقيمُ

حبَراتُ فحلٍ راقصتْ ألحاظَه

وحلا بفيه شهدُها المسمومُ

علِقَ الحصارَ مدافعا عن يومه

لو أنّ إملاءَ الحصار يدومُ

يخشى الفرارَ ولا يقدِّم نفسَه

فيموتُ تحت السيف وهو كريمُ

فاختار أُخرى ذلَّ فيها أنفُه

لخَشاشة يُدمَى بها الخيشومُ

شرّ البليّة في الحروب أسيرُها

يُسلَى القتيلُ ويُعذَر المهزومُ

أسكنتَه دارَ الشقاءِ وإنها

في جنب ما هو خائف لنعيمُ

عاداتُ جَدّك في علاك وإنما

رمُح الكميِّ بحَدّه مدعومُ

لهم اعوجاجُ الأمر إن طعَنوا به

ولكفّك التثقيفُ والتقويمُ

وأرى الوزارةَ تُستَرقُّ وإنما

هي حُرّة وتباحُ وهي حريمُ

لعبتْ بها الهمم القصارُ وأصبحتْ

وسرورُها عند الرجال همومُ

في كلّ يوم نابت نبعت به

عوجاءُ شائكةُ الغصونِ عَذومُ

لا ظلّ فوق الأرض يَحمِي قائلا

فيها ولا تحت التراب أرومُ

خوَّارة يمضي شَظايا طُيَّحاً

تحت النواجذِ عُودُها المعجومُ

تلقاه عارفةً أسرّةَ وجهه

بالذلِّ وهو بعزِّها موسومُ

محصورةٌ فيه السيادةُ نافرٌ

من شكله التوقيرُ والتعظيمُ

يرضَى من العلياء باسمٍ ما لَهُ

معنىً وزِعنفةُ الأديم أديمُ

يُعطِي الشِّفاهَ إذا أراد كرامةً

كفًّا مُقبِّلها بها ملطومُ

أفتغضَبون وأنتمُ جِيرانُها

لسَوامِ مجدٍ ما لهنَّ مُسيمُ

أم كلُّ فضل في الزمان وأهلِه

حتى الوزارة مهملٌ مظلومُ

غرِّدْ فعندكَ يا حمامةُ طوقُها

وانظر ففيك لحاظُها يا ريمُ

واسمح لها أن كنتَ عنها فاضلا

كم ناقصٍ وله بكم تتميمُ

واجلس لوفد المهرجان وكعبُك ال

عالي وأنفُ الدهر فيك رغيمُ

يأتيك قَسرا خادماً لك قائما

فيه ومجدُك جالسٌ مخدومُ

متسربلاً ثوبَ الخلود وشيعُهُ

حَلْيُ القريض ودرُّه المنظومُ

تهَب النفوسَ من النفائس غالبا

أمرَ الليالي أمرُك المرسومُ

يا أسرتي مالي أَلُسُّ خَشاشتي

يبَساً وواديكم أغنُّ جميمُ

أَنِفَ الإباءُ لوائل من وائلٍ

ففنُوا وعزَّت بالوفاءِ تميمُ

ولو اكتفَى قيسٌ بفتوَى أمِّه

لمضى عَدِيٌّ طائحاً وخَطيمُ

وأرى أخا كسرى يبيت وقومه

فيهم سيوفُ النصر وهو مَضيمُ

عهدي بكم زمناً وجُرحي بينكم

يوسَى وصدعُ خَصاصتي ملمومُ

فإذا خوَى قصبي وساندَ فيكُمُ

طلبَ الرفادةِ جنبيَ المهضومُ

حمت الليوثُ عن الشبول وجرجرتْ

دونَ البِكارِ مَصاعبٌ وقُرومُ

فعلام إذ طُلتم وزدتم بسطةً

أنا من رضاع سحابكم مفطومُ

أبغي حياضَكُمُ فأُضْرَبُ دونها

ضربَ الغرائب وهْي حَرَّى هِيمُ

عَتْبُ المدِلِّ وتحته لودادكم

صدرٌ على حزِّ الشفار سليمُ