لمن حلل تهاداها البقاع

لِمَن حِلَلٌ تَهاداها البِقاعُ

كأنَّ بيوتَها إبلٌ رِتاعُ

أَراهُم حَيثُما حلُّوا استَقَلُّوا

فَفيما تَطمَئِنُّ بِهم تُراعُ

أتَدري ما دَهاكَ فَكيفَ تَدري

إذا كانَ اللِّقاءُ هو الوَداعُ

وبينَ بيوتِ هَذا الحَيِّ بَيتٌ

لَه عِندي حَديثٌ لا يُذاعُ

فحسبُكَ لا تُنازِعُني عَلَيه

وإِلا طالَ بي وبكَ النِّزاعُ

وقَد يُخشَى مِن القَول اتِّصالٌ

يَطولُ بِه من الوَصل انقِطاعُ

وفي الخَيماتِ ألحاظٌ بِطاءٌ

لفَترتِها وفَتكاتٌ سِراعُ

وغصنٌ خِفتُ خِفَّتَه بقَلبي

فثقلَه الذي لا يُستَطاعُ

كثيبُ نَقاً يزلُّ الثوبُ عَنه

لَه مِن حيثُ طُفت بهِ ارتِفاعُ

ولم أرَ قطُّ مَحجوباً كقَلبي

وراءَ الصَّدرِ ليسَ له امتِناعُ

وآلى لا تُمدُّ يَدٌ فتُثنى

لخَيبَتها كما آلى سِباعُ

رأى الدُّنيا وللتَبذيرِ فيها

عَلَى التدبيرِ أمرٌ لا يُطاعُ

فأرسَلَها ولو شَدَّت يَداها

شَكائِمَها لحلَّتها الطِّباعُ

إذا لَم يَبقَ إلا الذكرُ مِنها

فذاكَ الذِّكرُ أرخَص ما يُباعُ

لَه في كلِّ مَكرُمةٍ سُلوكٌ

ولِلباقي مِن الدُّنيا اتِّباعُ

يعد الغبنَ أن تَمضي الليالي

ولا يَمضي له فيها اصطِناعُ

ومَن يَزرَع لَه المَعروفُ مجداً

ويثبتُه يريعُهُ اليَراعُ

وقد سَلفَ الكرامُ بمِثلِ ماذا

خَلَفتَ بِه فَهَل ظَمِئوا وجاعوا

أَرى المِلَلَ التي افتَرقَت قَديماً

لَها فيما تُسَرُّ بِه اجتِماعُ

وذلكَ بعضُ مُكتَسَبِ الليالي

وما يَبني لكَ الخلقُ الوساعُ

يَخصُّ العيدُ قَوماً دونَ قَومٍ

ولَكِنَّ السرورَ بِه مُشاعُ