وأخبر أني رحت في حلة الضنى

وَأُخبِرُ أَنّي رُحتُ في حِلَّةِ الضَنى

لَيالِيَ عَشراً ضامَها اللَهُ مِن عَشرِ

تُنَفِّضُني الحُمّى ضُحىً وَعَشِيَّةً

كَما إِنتَفَضَت في الدَجنِ قادِمَتا نِسرِ

تَذُرُّ عَلَيَّ الوَرسَ في وَضَحِ الضُحى

وَتُبدِلُهُ بِالزَعفَرانِ لَدى العَصرِ

إِذا اِنصَرَفَت جاءَ الصُداعُ مُشَمِّراً

فَأَربى عَلَيها في الأَذِيَّةِ وَالشَرِّ

وَتَجعَلُ أَعضائي عُيوناً دَوامِعاً

تُواصِلُ بَينَ السَكبِ وَالسَجمِ وَالهَمرِ

فَتَحسَبُهُ طَلّاً عَلى أُقحُوانَةٍ

وَعَهدي بِهِ يَحكي حُباباً عَلى خَمرِ

وَلَمّا تَمادَت عُذتُ مِنها بِحِميَةٍ

كَمَن تَرَكَ الرَمضاءَ وَاِنفَلَّ في الجَمرِ

وَما مِنهُما إِلّا بَلاءٌ وَفِتنَةٌ

وَضَرٌّ عَلى الأَحرارِ يالَكَ مِن ضَرِّ

وَقَد عادَني الإِخوانُ مِن كُلِّ جانِبٍ

وَما قَصَّروا في العُرفِ وَالفَضلِ وَالبِرِّ

فَلِمَ لَم تَكُن فيهِم فَيَكمَلَ حُسنُهُم

أَيا ظالِماً أَخلى النُجومَ مِنَ البَدرِ

وَإِذ كُنتَ لَم تَنهَض إِلَيَّ وَلَم تَكَد

فَلِمَ لَم تَسَل عَنّي فَتُخبَرَ عَن أَمري

وَما لَكَ لَم تَبعَث إِلَيَّ بِأَسطُرٍ

تُمَجمِجُها إِحدى يَمينِكَ في ظَهرِ

تَضُنُّ بِتَسليمٍ وَزَورَةِ ساعَةٍ

فَكَيفَ يُرَجّى جودُ كَفَّيكَ بِالوَفرِ

فَإِن كُنتَ لا تُبقي عَلى الحالِ بَينَنا

فَهَلّا تَخافُ سوءَ بادِرَةِ الشِعرِ

إِذا لَم تَكونوا لِلحُقوقِ فَمَن لَها

وَأَنتُم كِرامُ الناسِ في البَدوِ وَالحَضرِ

وَأَنتَ إِذا أَنحَيتَ تَفري أَديمَها

فَما ذَنبُ ذي جَهلٍ فَرى مِثلَ ما تَفري

وَما لِعُداةِ العِلمِ تَذكُرُ عَيبَهُم

وَأَنتَ عَلى أَمثالِ غابِرِهِم تَجري