أما الخيال فما يزال يشوقه

أمَّا الخيالُ فما يزالُ يَشُوقُهُ

يُدنيك منه على البعادِ طُروقُهُ

أَنَّى اهتدى للرقَّتين كأنما

بالرقَّتين زَرُودُه وعقيقه

بدنو إذا ما البينُ بانَ بِقُرْبه

عنّا وأزمعَ بالفراقِ فريقه

نعم النديمُ أرى ووردي خَدُّهُ

في النوم منتشياً وخمري ريقه

أفضى إلى الصبِّ المشوقِ بِكُنْهِ ما

لاقى به صبُّ الفؤادِ مشوقه

هجر الصبوحَ مع الغَبوقِ وإنما

فيضُ الدموعِ صَبوحُهُ وَغَبُوقُه

يا ناصحاً ما زال يُتْبِعُ نُصْحَه

غِشّاً إذا نصحَ الصديقَ صديقهُ

قلت العزاءُ يُرَامُ لستُ أرومُهُ

قلت السلو يطاق لست أُطيقه

أرسى بأرضِ الرقتين مُجَلْجِلٌ

يستنُّ فيه رَعْدُهُ وَبُرُوقُه

ولنعم مأوى اللهوِ للكلفِ الذي

للهو كان غُدُوُّهُ طرُوقه

روضٌ عهدناهُ تصوغُ بطونُهُ

لظهوره زهراً يلوحُ أنيقُهُ

سحبتْ سحائبُه عليه ذيولَها

حتى تَشَقَّقَ في رُباهُ شقيقُه

وكأنما هو عند ذلك عاشقٌ

صبٌّ أحبَّ وصالَهُ معشوقه

عِطرٌ فمبيضُّ الربى كافورُهُ

رَدعُ ومصفرُّ الوهادِ خَلوقه

كم قد سقاني الكاسَ فيه شادنٌ

كالغصن ممشوقُ القوام رشيقُه

ذهبية فإذا تُشَجُّ فإنما

هي في الإِناءِ لظىً يطير حريقه

وإذا القيانُ ترنَّمتْ أوتارُها

للشَّربِ قَهقَهَ ضاحكاً إِبريقه

ما زلتُ أَمزجُ ريقَهُ برحيقِه

سيَّانِ عندي ريقُهُ ورحيقه