ما هو عبد لكنه ولد

ما هو عَبْدٌ لَكِنَّهُ وَلَدٌ

خَوَّلنيهِ المُهَيْمِنُ الصَّمَدُ

وشَدَّ أَزْريَ بِحُسْنِ صُحْبَتِهِ

فَهو يَدي والذِّراعُ والعَضُدُ

صَغيرُ سِنٍ كَبيرُ مَعْرِفَةٍ

تَمازَجَ الضَّعْفُ فيهِ والجَلَدُ

في سِنِّ بَدْرِ الدُّجى وصُورَتِهِ

فَمِثْلُهُ يُصْطَفى ويُفْتَقَدُ

مُعَشَّقُ الطَّرْفِ كُحْلُهُ كَحَلٌ

مُعَطَّلُ الجيدِ حِلْيُهُ جَيَدُ

ووَرْدُ خَدَّيْهِ والشَّقائِقُ والتْ

تُفاحُ والجُلَّنارُ مُنْتَضِدُ

رِياضُ حُسْنٍ زَواهِرٌ أَبداً

فيهُنَّ ماءُ النَّعيمِ يَطَّرِدُ

وغُصْنُ بانٍ إِذا بَدا وإِذا

شَدا فَقُمْرِيُّ بانةٍ غَرِدُ

ثَقَّفَهُ كَيْسُهُ فلا عِوَجٌ

في بَعْضِ أَخْلاقِهِ ولا أَوَدُ

أُنْسي ولَهْوي وكُلُّ مَأْرَبَتي

مُجْتَمِعٌ فيهِ ومُنْفَرِدُ

ظَريفَ مَزْحٍ مَليحَ نادِرَةٍ

جَوْهَرَ حُسْنٍ شَرارُهُ يَقِدُ

ما غاظَني ساعَةً فَلا صَخَبٌ

يَمُرُّ في مَنْزِلي ولا حَرَدُ

مُسامِري إِنْ دَجا الظَّلامُ فَلي

مِنْهُ حَديثٌ كَأَنَّهُ الشَّهَدُ

مُبارَكُ الوَجْهِ مُذْ حَظيتُ بِهِ

بالي رَخيٌّ وعيشَتي رَغَدُ

خازِنُ ما في يَدي وحافِظُهُ

فَلَيْسَ شَيْءٌ لَدَيَّ يُفْتَقَدُ

يَصُونُ كُتْبي فَكُلُّها حَسَنٌ

يَطْوي ثِيابي فَكُلُّها جُدُدُ

وحاجِبي فَالخَفيفُ مُحْتَبَسٌ

عِنْدي بِهِ والثَّقيلُ مُطْرَدُ

وصَيْرَفيّ القَريضِ وازِنُ دي

نارِ المَعاني الجِيادِ مُنْتَقِدُ

ويَعْرِفُ الشِّعْرَ مِثْلَ مَعْرِفَتي

وهو عَلى أَنْ يَزيدَ مُجْتَهِدُ

وحافِظُ الدّارِ إِنْ رَكِبْتُ فما

على غُلامٍ سِواهُ أَعْتَمِدُ

ومُنْفِقٌ مٌشْفِقٌ إِذا أَنا أَسْ

رَفْتُ وبَذَّرْتُ فَهو مُقْتَصِدُ

وأَبْصَرُ النّاسِ بِالطَّبيخِ فَكال

مِسْكِ القَلايا والعَنْبَرِ الثَّرِدُ

وهو يُديرُ المُدامَ إِنْ جُليَتْ

عَروسُ دِنٍّ نِقابُها الزَّبَدُ

تَمْنَحُ كَأْسي يَدٌ أَنامِلُها

تَنْحَلُّ من لينِها وتَنْعَقِدُ

وكَاتِبٌ تُوجَدُ البَلاغَةُ في

أَلْفَاظِهِ والصَّوابُ والرَّشَدُ

وواجِدٌ لي مِن المَحَبْةِ والرْ

رَأْفَةِ أَضَعافَ ما بِهِ أَجِدُ

إِذا ابْتَسَمْتُ فَهو مُبْتَهِجٌ

وإِنْ تَنَمَّرْتُ فَهو مُرْتَعِدُ

ذا بَعْضُ أَوْصافِهِ وقَدْ بَقيَتْ

لَهُ صِفاتُ لَمْ يَحْوِها العَدَدُ