إبراهيم بن محمد أبو إسحاق أمير المؤمنين المبارك ابن المهدي العباسي الأسود الملقب بالتنين لسمنه، وكان فصيحاً مفوهاً بارع الأدب والشعر بارعاً إلى الغاية في الغناء ومعرفة الموسيقى، وأمه اسمها شكلة، روى عن المبارك بن فضالة وحماد بن يحيى الأبح، ولي إمرة دمشق سنتين ثم أربع سنين لم يقطع على أحد في عمله طريق، وبويع بالخلافة زمن المأمون وقاتل ابن سهل وهزمه إبراهيم فتوجه نحوه حميد الطوسي فقاتله فهزمه حميد واستخفى إبراهيم زماناً حتى ظفر به المأمون وحديثه في ذلك مشهور فعفا عنه وأورد صاحب الأغاني وغيره من ذلك جملة.وكان أسود حالكاً عظيم الجثة لم ير في أولاد الخلفاء قبله أفصح منه ولا أجود شعراً. ولد سنة اثنتين وستين ومائة وتوفي رحمه الله في شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين وكان قد غلب على بغداذ والكوفة والسواد، فلما قارب المأمون العراق ضعف أمر إبراهيم وركب بأبهة الخلافة إلى المصلى يوم النحر وصلى بالناس وهو ينظر إلى عسكر المأمون ثم انصرف من الصلاة وأطعم الناس بقصر الرصافة ثم استتر وانقضى أمره وظفر به المأمون سنة عشر وعفا عنه وبقي مكرماً إلى أن مات. ويقال إنه ما اجتمع غناء أخٍ وأختٍ أحسن من إبراهيم وأخته علية ابني المهدي، وله ترجمة طويلة في تاريخ دمشق تكون في سبع عشرة قائمة. وكان سبب ولايته الخلافة أن المأمون لما كان بخراسان جعل ولي عهده علي بن موسى بن علي الرضي فشق ذلك على العباسيين ببغداذ وبايعوا إبراهيم ولقبوه المبارك لخمس بقين من ذي الحجة سنة إحدى ومائتين وبايعه العباسيون في الباطن، ثم بايعه أهل بغداذ في أول يوم من المحرم سنة اثنتين وأظهروا ذلك وصعد المنبر ثم إن إبراهيم اختفى بعد لذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث ومائتين (عن الوافي للصفدي)
التالي