أعن أرض الغميم لمحت نارا

أعنْ أرضِ الغميمِ لمحتُ نارا

بدتْ وهناً فهمتُ بها ادَّكارا

ذكرتُ بها المباسمَ وهي تُهدي

الى قلبي مع القُبَلِ الشَّرارا

زماناً كنتُ أهوى فيه لمّا

تبدَّتْ كالمهاةِ لنا نَوارا

رأيتُ البدرَ يحمِلُهُ قضيبٌ

وليلَ الشَّعْرِ قد أبدَى النهارا

فلما حالَ عهدُ الودَّ منهما

وأمستْ تمنعُ الكَلِفَ المزارا

تَحَدَّرَ دمعُه كَلَفاً ووجداً

وقد ضنَّتْ عليه بأنْ يُزارا

فيا للهِ مِن دمعٍ غزيرٍ

يُخَجَّلُ فيضُه السُّحُبَ الغِزارا

اِذا ما غاضَ دمعٌ فاضَ دمعٌ

يَسُحُّ على مرابِعها انهمارا

لقد أبقتْ بقلبي يومَ بانتْ

وحُمَّلَ حيُّها سَحَراً فسارا

ندوباً كيفما أبدتْ لِعيني

مودَّعةً اشارتُها السَّوارا

ولكنْ هذه شِيَمُ الغواي

طَوالَ الدهرِ لم يحفظنَ جارا

كأنَّ رعايةَ الميثاقِ ممّا

يُحَمَّلُهُنَّ بينَ الناسِ عارا

اِذا ما رمتُ طيبَ الاِلفِ منها

يَزيدُ نفارُها منَي نِفارا

كأنّي ما كشفتُ وقد أتتني

تَثنَّى عن محاسِنها الخِمارا

أتنسى حينَ زارتْني مساءً

تلوثُ على معاطِفها الاِزارا

تباعدْنا فَصَدَّتْ بعد وصلٍ

ألا حيَّ الوِصالَ المستعارا

اِذا ما طالَ بالحسناءِ عهدي

أعادتْ ذلك الودَّ ازورارا

لقد غدرتْ بمَنْ لم ينوِ غدراً

ولم يَذُقِ الكرى إلا غِرارا

اِذا آنستُ مِن أعلامِ رضوَى

بريقاً في مطالعِه أنارا

تعرَّضَ فوقَهنَّ فطارَ قلبي

اليه وقد تألَّقَ واستطارا

فبِتُّ كأنَّني منه نزيفٌ

أُعاطَى في معادِنها العُقارا

ذكرتُ بها الهوى العذرىَّ لمّا

تعلَّقْتُ الكواعبَ والعَذارى

وما في الناسِ أشقى مِن مُحِبًّ

تكلَّفَ عن أحبتِه اصطبارا

فشرطُ الوجد أن يبكي نجيعاً

على النأي الأحبَّةَ والديارا

فقد ملأَ الحنينُ عِراصَ قلبي

غداةَ تَغدَتْ ديارُهمُ قِفارا

أكفكِفُ أدمعي فيها مِراراً

مِنَ الواشي وأُطلِقُها مِرارا

وقد أحدثتَ لي يا بينُ شوقاً

الى الأحبابِ يمنعُني القرارا

أُسكَّنُ بالدموعِ لهيبَ نارٍ

أبتْ بعدَ النوى إلا استعارا

اِذا لم أبكِ مَنْ قد بانَ عنها

رَواحاً بالمدامعِ وابتِكارا

وأياماً بكاظمةٍ تولَّتْ

حميداتٍ سَعِدْتُ بها قِصارا

فلا حملتنيَ الجُرْدُ المذاكي

يُثيرُ طِرادُها النقعَ المثارا

أَشُنُّ بها وقد علمَ الأعادي

بأنّي سوفَ أطرُقُهمْ مُغارا