ها قد بلغت الذي قد كان ينتظر

ها قد بلغت الذي قد كان ينتظرُ

الله أكبر هذا النصر والظفر

قد صرّح الخبر منك اليوم عن خبر

قد كان أنظر فيه نفسه النظر

أكذبت ظنّ الأعادي بالذي كملت

به السعادة واستهتى لك الخطر

قالت ظنونهم في الفأل وابتدلَت

من بارحٍ سانح الطير الذي زجروا

أعدت عود الهدى غضا وقد يبست

أغصانه وهو لا ظلّ ولا ثمرُ

هذا هو الفتح فتح لا يقوم به

نظم المديح ولا نثر فيبكر

فتح مبين وقي من كل موبقة

لم يبق من بعده ذنبُ فيفتفر

تهلّل الدين والدنيا به فرحا

واستبشرت مكة والحجر والحجَرُ

لم تخش يثرب تثريبا لفادحة

من بعده إذ سرت في ذكره السور

يا يوم دمياط قد راحت مسوّدةً

منك الطروس وقد سارت بك السير

أنطقت خرس الأماني وهبي صامتة

ورضت صعب المعاني فهيَ تبتدر

ألبست أهل الهدى من نصرة حللاً

والشرك قد حلّ منه الإزر والأُزرُ

في يوم ذي هج لا وصف يدركه

يكاد منه فؤاد الدهر ينفطِرُ

يوم تدين له الأيام إذ خرسَت

عن فخرِها وهو طول الدهر يفتخرُ

في حالةٍ جمع الضدين في قرنٍ

فالشركُ متحذل والحقّ منتصرُ

قد عاد صبحهم ليلا تضيءُ بهِ

زرقُ الأسنّة فهي الأنجم الزهر

والشمس طالعة فيه وغارية

لكنها بظلام النقع تستتر

والدين قد تليت آياته فرحا

بنصره وصليب الشرك منعفر

يا دين عيسى بعيسى قد خذلت وذا

كسر مدى الدهر منكم ليس ينجبرُ

وافاك في جحفلٍ ضاق الفضاءُ به

ذرعا فأنت لديه بل له جزرُ

أتى بجيشي وغىً في الأرض عسكرهُ

وفي السماء قضاء الله والقدر

فالبحر من تحتهم آذيه وعلى

رؤوسهم منك نار الحرب تستعرُ

وزّعتهم بين بيض الهند مصلتة

وبين سمر القنا والموت معتكر

فللرماح قلوب منهم أبدا

وللسيوف الطلى والهام والقصَرُ

أمّوا العبور إلى دمياط تحصنهُم

ومادروا أنه عبر به العبرُ

راموا بحيث طاغم الأمر سلمهمُ

وقدرا وا غارة هانت لها الغيرُ

لم يطلبوا السلم إلا بعد علمهم

بأن سيفك لا يبقي ولا يزرُ

أضحى لروميَة الكبرى بما شهدوا

ويل طويل وقد وافاهم الخبر

إن لم تكن حوصر وافيها فإن بها

من بؤس بأسك حصرا ليس ينحصر

يمشون همسا وايماء حديثهمُ

فيها لخوفك إن قالوا وإن ذكروا

أنها هم الرعب عن عود فمنقصة

إن قيل عود وانعد بالسيف ننتصر

ما يوم بدر بأعلى منه أو أحد

ولا جنين وإن عدوا وإن شهروا

لا يوم أحسن منه منظراً وبهِ

سمر القنا وسيف الهند تشجر

جنيت فيه رؤوس القوم يانعةً

لكن ذوت بعدها الأغصان والشجر

فلتشكرنك بنو العباس بعدهمُ

لا بل قريشُ تؤدي الشكر بل مضر

ألبستهم عزّةً قعساء وهرهمُ

من بعد ما قد طووا ما كان قد نشروا

كم آية لك يا عيسى ومعجزةٍ

يقلّ هزمهمُ فيها وإن كثروا

أنت المليكُ الذي لو عيب في ملأ

ما عابهُ الناس إلا أنّه بشر

أحييت ميت العلا والمكرمات بما

أوليت إذ لا يوازي بمضه المطر

مناقب حسنت أخبارها وزهت

حتى لقد صار مهجوراً بها السمر

يا معدنَ الفضلِ والإحسان ها أنا ذا

ومن ورائي جميعا كلنا صبُرُ

الله يعلم أني في انتظاركمُ

قد مسّني الضرّ بل أودى بي الضرر

يكفيك منّي أدنى ما اشير به

إذ ليس من عادتي الإكثار والهزرُ

خذها فإن حبيبا لو يروم لها

وزناً لحاصرهُ في فكرهِ الحصَرُ

ولا نصخ لاستماع بعدها أبداً

ما كلّ مختلف ألوانهُ زهَرُ