وخبرني الناعون ما صنع الردى

وَخَبَّرَني الناعونَ ما صَنَعَ الرَدى

بِأَسماءَ مِن أَفعالِهِ النَكِراتِ

فَكَذَّبتُ ما قالوا وَإِن كانَ صادِقاً

فَيا خَيرَ مُنعىً وَشَرَّ نُعاتِ

أَساءَت بِأَسماءَ الخُطوبِ صَنيعَها

إِلَينا فَأَنسَت سالِفَ الحَسَناتِ

طَوى التُربُ مِنها في حَشاهُ سَريرَةً

مِنَ المَجدِ وَالأَسرارُ لِلمُهَجاتِ

وَرَوَّضَ ظَمآنَ الثَرى مِن سَماحِها

فَأَنبَتَ زَهرَ الحَمدِ أَيَّ نَباتِ

سَقاها الحَيا وَالفَخرُ في ذاكَ لِلحَيا

وَإِلّا سَقاها سائِلُ العَبَراتِ

وَإِلّا سَقاها جودُها في ضَريحِها

فَقَد كانَ مِثلَ الغَيثِ في اللَزَباتِ

وَقالوا عَجوزٌ قُلتُ رُبَّ صَنيعَةٍ

تَزيدُ بِها حُسناً عَلى الفَتَياتِ

مَضَت سَلَفاً وَالكُلُّ يَقِفو سَبيلَها

مُشَيَّعَةً بِالبِرِّ وَالصَلواتِ

شَقى النَفسَ أَن لَم يَخلُ مِنها مَكانُها

وَلَم تَكُ مِثلَ الأَعظُمِ النَخِراتِ

وَلَكِنَّها أَبقَت فُروعاً كَثيرَةً

حَياةً لَها مِن بَعدِ كُلِّ مَماتِ

كَمِثلِ أَبي بَكرٍ وَمِثلِ سَليلِهِ

خَليلي أَبي إِسحاقٍ خَيرِ لِداتي

لَعَمرُ المَنايا لا تَفوزُ بِمِثلِها

فَقَد فَعَلَتها أَعظَمَ الفَعَلاتِ

تَداعَت سَماءُ العِزَّ فَاِنفَطَرَت لَها

وَأَضحَت نُجومُ الفَخرِ مُنكَدِراتِ

وَباتَ الأَسى فيها يَقُضُّ مَضاجي

وَيَمنَعُ أَجفاني لَذيذَ سِناتِ

فَقُل لِلمَنايا قَد وَتِرتَ سِراتِنا

تِراتٍ بِظَنّي مِنهُمُ بِتِراتِ

فَلَو كُنتَ شَخصاً ما اِجتَرَأَت عَلَيهِم

وَجَنَّبتِهِم عَن هَيبَةٍ وَهِباتِ

خَليلَيَّ مِن عَليا مُرادٍ تَصَبَّرا

فَفي الصَبرِ أَعوانٌ عَلى الحَسَراتِ

وَكُفَّ الدُموعُ الواكِفاتِ فَإِنَّما

دُموعُ الفَتى وَقفٌ عَلى العَرَصاتِ

فَيا رُبَّ مَن تَبكيهِ يَضحَكُ فَرحَةً

وَأَنتَ عَلَيهِ دائِمُ التَرَحاتِ

فَإِنَّكَ لاقٍ مِن سُرورٍ وَمَن أَسى

وَما هُوَ آتٍ لا مَحالَةَ آتِ