الحمد لله جل الله من واق

الحمد لله جلَّ الله من واقِ

الكلُّ يفنى ووجهُ الواحدِ الباقي

يقال عند فراقِ النفس من راقٍ

يا ليت شعري وهل في الكون من راق

الله يعلم هذا لا يكون ومن

يردّ كاسَ المنايا أو هو الساقي

هو المنجي إذا ما الساق تبصرها

يومَ القيام له تلتفُ بالساق

إنَّ المكارمَ من خُلقي ومن شيمي

فقد وسعت الورى جوداً بأخلاقي

لو أن لي كل ما تحوي خزائنه

لما وفت بالذي عندي من أرزاق

إني فُطرت على أخلاقِ خالقنا

والأمر ما بين مرزوقٍ ورزّاقِ

فالرزق يطلبنا ما نحن نطلبه

وذا دليلٌ على طيبٍ بأعراقِ

ما كنتُ أحسب أنَّ الأمر منه كذا

حتى علمتُ بذاتي أنني الواقي

فليس يحكم فينا غير أنفسنا

عدلاً وجوراً فذائي عينُ درياقي

تدبير علم بتفضيل لنشأتنا

فكم نرى ذاك عن حكم بأوفاق

إني حننت إلى ذاتي لأبصرها

من أجل صورته حنينَ مشتاقِ

هبتْ عليَّ رياحُ القربِ من كثب

شممتُ من عرفها أنفاسَ عشّاق

أوحي إليّ بها ما كنتُ أجهله

بأنه نائب جوَّابُ آفاق

إني لعبدٌ ذليل بات يخضعُ لي

عند المناجاة ذي وجد وأشواق

فلا تراه لكوني فيه مفتخرا

بأنه ربُّتيجانٍ وأطواق

له علومٌ بذاتي ليس يعلمها

إلا الذي هو ذو شرب وأذواق

يرنو إليّ إذا العيان تجهلني

عينا بعينِ نهى عن غير أحداق

تراه يرحمُ من ناداه من كرمِ

من غير جبر ولا حكم لإشفاق

إنَّ الشفيقَ له حكمٌ يخالفه

حكمُ الرحيمِ لما فيه من إطلاق

فما يقيِّدُه نعتٌ ولا صقةٌ

وليس يدخلُ في عقدٍ وميثاقِ