سلام يغادي جوكم ويراوحه

سَلاَمٌ يُغَادِي جَوَّكُمْ ويُرَاوحُهْ

ونَشْرُ ثَنَاءٍ يَنْتَحِيكُمْ رَوائِحُهْ

ولا زَالَ مَرْفُوعُ الدُّعَاءِ يَؤُمُّكُمْ

عَلَى كَاهِلِ البَرْقِ الشَّماليِّ صَالحُهْ

أأحبَابَنَا والمَرْءُ يا ربَّما دَعَا

أخَا النأْيِ إنْ ضَاقَتْ عَلَيهِ منادِحُهْ

هَلِ الدَّهْرُ مُدْنِينِي إلَيكُمْ فمُبْرِدٌ

لهيبَ اشْتياقٍ يَرْمُضُ القَلْبَ لافحُهْ

ومُجمِدُ دَمعٍ كُلَّمَا هَتَفَتْ بِهِ

دَوَاعِي هَوَاكُمْ أقرَحَ الجَفْنَ سَافحُهْ

كفَى حَزَناً أنِّي بشِيراز مُفْرَدٌ

أبَاكِرُ ما يُضْنِي الحَشَا وأُراوحُهْ

وفَردُ هُمُومٍ لَوْ تَضَيَّفْنَ يَذْبُلاً

تَضَاءَلَ واسْتعلَتْ عَلَيهِ أباطحُهْ

وشَوقاً لَو اسْتجْلَى سَنَاهُ أخُو الدُّجَى

لأغْنَاهُ عن ضوءِ المَصَابيحِ قَادحُهْ

وَعَيناً تُرينِي جَفْنَهَا في اخْتلاجِهِ

من الضُّرِّ ما يسترحلُ الصَّبْرَ فادحُهْ

غَدَا وهو عُنْوانُ الحَوَادثِ فاسْتَوَى

لَدَيهِ بِهِ خَافِيَ البَلاءِ وواضحُهْ

وأشياءُ ضَاقَ النَّظْمُ عَنْهَا وبَعْضُهَا

يَلُوذُ بِظِلِّ الاسْتِقالةِ شَارحُهْ

أَحِنُّ فَلا ألقَى سِوَى هَاتفِ الضُّحَى

يُطَارِحُنِي شكوَى النَّوَى وأُطَارحُهْ

يُقَطِّعُ آناءَ النَّهَارِ بنوحِهِ

إلى أَنْ يَرَى وجهَ الظَّلامِ يُصَافِحُهْ

وإنَّ لَهُ بَعْدَ الهُدُوِّ لَعَوْلَةً

وأُخْرَى وأشْجَى النَّوْحِ مَا لَجَّ نائِحُهْ

شَكَا وَحْشَتِي شَجْنٌ ونَأْيٌ فَأَجْهشَتْ

لَهُ وُرْقُهُ مِمَّا تَجِنُّ جَوَارِحُهْ

يَكَادُ إذَا هَزَّ الجَنَاحَ فَخَانَهُ

تُقَصُّ بِتَرْجيعِ الحَنِينِ جَوانِحُهْ

خَلاَ أنَّهُ ذُو رفْقَةٍ فمَتَى دَعَا

تُجبْهُ على قُرْبِ المكَانِ صَوادحُهْ

وإنِّي إذَا ما اشتقتُكُمْ حَالَ دُونَكُمْ

ودُونِيَ غِيطانُ الفَلا وصَحَاصِحُهْ

ومُلْتَطِمُ الأمْوَاجِ ما عَبَثَتْ بِهِ

يَدُ الرِّيحِ إلاَّ وامتَطَى النَّجْمَ طَافحُهْ

علَى أنَّهُ في السِّجْنِ أرْغَدُ عيشِهِ

ولا يَسْتَوي دانِي القَرِيبِ ونَازحُهْ

يَشُنُّ عَلَيَّ البُعْدُ غَاراتِ جَورِهِ

وتَهْتفُ بي مِنْ كُلِّ جوٍّ صَوائِحُهْ

لَهُ الغُلْبُ فليثْنِ الأعنّةَ مُبْقِياً

عَلَيَّ فمَا عِندِي جُنُودٌ تُكافحُهْ

ولا المفْردُ العَانِي يَهُزُّ رِمَاحَهُ

بِطَعْنٍ ولا يُنضِي لضربٍ صَفَائِحُهْ

سَقَى جِدَّ حفصَ الغَيْثُ سَحّاً ولَوْ سَمَا

لَهَا الدَّمْعُ أغْنَاهَا عَنِ الغَيْثِ راشِحُهْ

ولا زَالَ خَفَّاقُ النَّسِيمِ إذَا سَرَى

عَلِيلاً يُمَاسِي جَوَّهَا ويُصَابِحُهْ

بِلادٌ أقَامَ القَلْبُ فِيها فلَمْ يَزَلْ

وإنْ طَمَحْتَ بالجِسْمِ عَنْهَا طَوامحُهْ

هَلِ اللَّهُ مُسْتَبِقٍ ذِمَامِي بِعودةٍ

إِلَيهَا يُرِيني الدَّمْعَ قد هَشَّ كالحُهْ

ويُصبحُ هذا البُعْدُ قد رِيضَ صعبُهُ

وأمكَنَ من فَضْلِ المقَادةِ جامحُهْ