طحا بك قلب في الحسان طروب

طَحا بِكَ قَلبٌ في الحِسانِ طَروبُ

بُعَيدَ الشَبابِ عَصرَ حانَ مَشيبُ

تُكَّلِفُني لَيلى وَقَد شَطَّ وَلْيُها

وَعادَت عَوادٍ بَينَنا وَخُطوبُ

مُنَعَّمَةٌ لا يُستَطاعُ كَلامُها

عَلى بابِها مِن أَن تُزارَ رَقيبُ

إِذا غابَ عَنها البَعلُ لَم تُفشِ سِرَّهُ

وَتُرضي إِيابَ البَعلِ حينَ يَؤوبُ

فَلا تَعدِلي بَيني وَبَينَ مُغَمَّرٍ

سَقَتكِ رَوايا المُزنِ حَيثُ تَصوبُ

سَقاكِ يَمانٍ ذو حَبِيٍّ وَعارِضٍ

تَروحُ بِهِ جُنحَ العَشِيِّ جَنوبُ

وَما أَنتَ أَم ما ذِكرُها رَبَعِيَّةً

يُخَطُّ لَها مِن ثَرمَداءَ قَليبُ

فَإِن تَسأَلوني بِالنِساءِ فَإِنَّني

بَصيرٌ بِأَدواءِ النِساءِ طَبيبُ

إِذا شابَ رَأسُ المَرءِ أَو قَلَّ مالُهُ

فَلَيسَ لَهُ مِن وُدِّهِنَّ نَصيبُ

يُرِدنَ ثَراءَ المالِ حَيثُ عَلِمنَهُ

وَشَرخُ الشَبابِ عِندَهُنَّ عَجيبُ

فَدَعها وَسَلِّ الهَمَّ عَنكَ بِجَسرَةٍ

كَهَمِّكَ فيها بِالرِدافِ خَبيبُ

وَناجِيَةٍ أَفنى رَكيبَ ضُلوعِها

وَحارِكَها تَهَجَّرٌ فَدُؤوبُ

وَتُصبِحُ عَن غِبِّ السُرى وَكَأَنَّها

مُوَلَّعَةً تَخشى القَنيصَ شَبوبُ

تَعَفَّقَ بِالأَرطى لَها وَأَرادَها

رِجالٌ فَبَذَّت نَبلَهُم وَكَليبُ

إِلى الحارِثِ الوَهّابِ أَعمَلتُ ناقَتي

لِكَلكَلِها وَالقُصرَيَينَ وَجيبُ

لِتُبلِغَني دارَ اِمرِئٍ كانَ نائِياً

فَقَد قَرَّبَتني مِن نَداكَ قَروبُ

إِلَيكَ أَبَيتَ اللَعنَ كانَ وَجيفُها

بِمُشتَبِهاتٍ هَولُهُنَّ مَهيبُ

تَتَبَّعُ أَفياءَ الظِلالِ عَشِيَّةً

عَلى طُرُقٍ كَأَنَّهُنَّ سُبوبُ

هَداني إِلَيكَ الفَرقَدانِ وَلاحِبٌ

لَهُ فَوقَ أَصواءِ المِتانِ عُلوبُ

بِها جِيَفُ الحَسرى فَأَمّا عِظامُها

فَبيضٌ وَأَمّا جِلدُها فَصَليبُ

فَأَورَدتُها ماءً كَأَنَّ جِمامَهُ

مِنَ الأَجنِ حِنّاءٌ مَعاً وَصَبيبُ

تُرادَ عَلى دِمنِ الحِياضِ فَإِن تَعُفُّ

فَإِنَّ المُنَدّى رِحلَةٌ فَرُكوبُ

وَأَنتَ اِمرُؤٌ أَفضَت إِلَيكَ أَمانَتي

وَقَبلَكَ رَبَّتني فَضِعتُ رُبوبُ

فَأَدَّت بَنو عَوفِ بنِ كَعبٍ رَبيبَها

وَغودِرَ في بَعضِ الجُنودِ رَبيبُ

فَوَاللَهِ لَولا فارِسُ الجَونِ مِنهُمُ

لَآبوا خَزايا وَالإِيابُ حَبيبُ

تُقَدِّمُهُ حَتّى تَغيبَ حُجولُهُ

وَأَنتَ لِبَيضِ الدارِعينَ ضَروبُ

مُظاهِرُ سِربَالي حَديدٌ عَلَيهِما

عَقيلاً سُيوفٍ مِخذَمٌ وَرُسوبُ

فَجالَدتَهُم حَتّى اِتَّقوكَ بِكَبشِهِم

وَقَد حانَ مِن شَمسِ النَهارِ غُروبُ

وَقاتَلَ مِن غَسّانَ أَهلُ حِفاظِها

وَهِنبٌ وَقاسٌ جالَدَت وَشَبيبُ

تَخَشخَشُ أَبدانُ الحَديدِ عَلَيهِمُ

كَما خَشخَشَت يَبسَ الحَصادِ جَنوبُ

تَجودُ بِنَفسٍ لا يُجادُ بِمِثلِها

وَأَنتَ بِها يَومَ اللِقاءِ تَطيبُ

كَأَنَّ رِجالَ الأَوسِ تَحتَ لَبانِهِ

وَما جَمَعَت جَلٌّ مَعاً وَعَتيبُ

رَغا فَوقَهُم سَقبُ السَماءِ فَداحِصٌ

بِشَكَّتِهِ لَم يُستَلَب وَسَليبُ

كَأَنَّهُمُ صابَت عَلَيهِم سَحابَةٌ

صَواعِقُها لِطَيرِهُنَّ دَبيبُ

فَلَم تَنجُ إِلّا شَطبُةٌ بِلِجامِها

وَإِلّا طِمِرٌّ كَالقَناةِ نَجيبُ

وَإِلّا كَمِيٌّ ذو حِفاظٍ كَأَنَّهُ

بِما اِبتَلَّ مِن حَدِّ الظُباتِ خَصيبُ

وَفي كُلِّ حَيٍّ قَد خَبَطتَ بِنِعمَةٍ

فَحُقَّ لِشَأسٍ مِن نَداكَ ذَنوبُ

وَما مِثلُهُ في الناسِ إِلّا قَبيلُهُ

مُساوٍ وَلا دانٍ لَذاكَ قَريبُ

فلَا تُحرِمَنّي نائِلاً عَن جَنابَةٍ

فَإِنّي اِمرُؤٌ وَسطَ القِبابِ غَريبُ