شكا الشاعر الباكي عمى قد أصابه

شكا الشاعر الباكي عمىً قد أصابه

وأظلم ما نال العمى جفن شاعر

ينوح بعين لم يدع عندها البلى

سوى نبع حزن ناضب الماء غائر

وتلحظ عين الشمس شزراً جبينه

فيطرق إغضاءً بمقلة حاسر

ويسألهم هل أومض البرق في الدجى

وهل طلعت فيه وجوه الزواهر

وهل يلمع الدرُّ المنضد والحلى

على الغيد أم بات الحصى كالجواهر

تكاد تشق الأفقَ زفرةُ صدره

اذا راح يلحاه بصيحة حائر

تجود لعين الذئب يا افق بالسنى

ليهديَه في فتكه بالجآزر

وترميه في بئر عميق قرارها

وتسفكه فوق البطاح الغوامر

وتسلبني نوراً أراك بوحيه

فأظهر ما أخفى سواد الدياجر

وأرجعه معنى على الطرس مشرقاً

يضيء سناه مظلمات السرائر

لمن تجمل الأكوان إن كان لا يرى

بدائَعها عين ترى كلَّ باهر

فما كانت الدنيا سوى حسن منظر

وما جاد فيها الحظ إلا لناظري

وهل كنت أخشى الموت إلا لأنهُ

سيحجب عني حسن تلك المناظر

فها أنا لا جهد الحياة بهاجري

أميناً ولا ريب المنون بزائري

جمعتُ شقاء العيش في ظلمة الردى

فياليَ من ميت شقي الخواطر

أرى الصبح وهاجاً بمقلة نائم

ويلحظه قلبي بحسرة ساهر

ومن لي إلى هذا الوجود بلمحة

أراه ولم يعم التراب بصائري

فيا قلب أنفق من ضيائك واحتسب

لدى الشمس لألاء الوجوه النواضر