تبارك الله ما في الدار ديار

تبارك الله ما في الدار ديّارُ

وإنما هي نيران وأنوارُ

وقد أماطت سليمى عن براقعها

فوجهها مشرق والطرف سحّار

وما الجميع سوى إشراق بهجتها

دوائرٌ كلهم عنها وأدوار

إن أومأت كانت الأكوان ظاهرة

عنها وإلا ففيها الكل أسرار

جلت عيون بها منها لها نظرت

في صبغة الكون حيث الكون أطوار

يا مالك الملك منا قد ظهرت لنا

وأنت أعياننا والإسم أغيار

ملكتنا فملكنا ما ملكت وعن

ذواتنا قد أميطت منك أستار

وإنما هي ذات بالورى كثرت

فقل شموس وقل إن شئت أقمار

رنات أوتار أسماء لذاتك لا

كما يقولون رنات وأوتار

بها طربنا وفيها أنت مطربنا

وما لغيرك أسماع وأبصار

سقيتنا أيها الساقي بأكؤسنا

خمر التجلي وفينا دب إسكار

ونحن كأس وأنت الخمر تشربه

وكل معنى أتانا منك خمّار

كتبتنا بك في ألواح نشأتنا

فنحن عنك أحاديث وأخبار

صرف الوجود به عنه الشؤن بدت

كما الدخان له قد أبدت النار

وما كذلك نفس الأمر في نظري

وإنما الكل في أقوالهم حاروا

نحن العبيد وإن وصلتنا كرماً

فإنما نحن يا مولاي أحرار

وإننا أنت لا شيء سواك هنا

ولكن الحكم هتّاكٌ وستار

إيماء جفنك يا ذا العين يظهرنا

فأشقياء كما شاءت وأبرار

وأنت أنت على ما أنت من قدم

ونحن نحن فلا نقص ولا عار

وهذه نسب أنت اعتبرت لها

فيها فكان لهم كتمٌ وإظهار

وحاصل الأمر أن الأمر حاصله

هذا ولكنه بالغير غرّار

الله أكبر لا يدري مقالتنا

في كوننا غيرنا والكل محتار

الله أكبر نحن الغائبون به

عنا وليس لنا في ذاك آثار

ولا سوانا من الأكوان يعرفنا

والغيب نحن وهذا القول إضمار

الله أكبر عزت ذاته وعلت

فليس تدرك آراء وأنظار

وهو العليم به في الكل ليس له

عنه خفاء فذو لطف وجبار

بدا فقالوا هي الأرواح قد حكمت

على جسوم لها في الكون أعمار

وهو الخفي فلا أرواح تعرفه

ولا جسوم وحارت فيه أفكار

فإن يشأ يهتدي كل إليه بما

قد ضل فيه وعنه زال إكفار

وإن يشأ فبما قد آمنت كفرت

قوم وإن شاء فالإقلال إكثار

حقيقة ما اقتضى شيء لها أثراً

ترومه فهي إيرادٌ وإصدار

ولم نقل مثل ما قد قال شاعرهم

وإنما هي إقبال وإدبار

أنا الذي قول محيي الدين قلتُ به

بيتين ضمنُهما للناس تذكار

البحر بحرٌ على ما كان من قدمٍ

إن الحوادث أمواج وأنهار

ولا أقول بتكرار الوجود ولا

عود التجلي فما في الأمر تكرار