تلك أوطاني وهذا رسمها

تِلكَ أَوطاني وَهذا رَسمُها

في سُوَيداءِ فُؤادي مُحتَفَرْ

يَتَراءى لي عَلى بَهجَتِها

حَيثُما قَلَّبتَ في الكَونِ النَظَرْ

في ضِياءِ الشَمسِ في نورِ القَمَر

في النَسيمِ العَذبِ في ثَغرِ الزَهَرْ

في خَريرِ الجَدوَلِ الصافي وَفي

صَخَبِ النَهرِ وَأَمواجِ البَحَرْ

في هَتونِ الدَمعِ مِن هَولِ النَوى

في لَهيبِ الشَوقِ في قَلبي اِستَعَرْ

دِقَّةُ الناقوسِ مَعنى لِاِسمِها

وَاِسمُها مِلءَ تَسابيح السّحَرْ

فِكرَةٌ قَد خالَطَت كُلَّ الفِكَر

صورَةٌ قَد مازَجَت كُلًّ الصُوَرْ

هِيَ في دُنيايَ سِرٌّ مِثلَما

قَد غَدا اِسمُ اللَهِ سِرّاً في السُوَرْ

يا بِلادي يا مُنى قَلبيَ إِن

تَسلَمي لي أَنتِ فَالدُنيا هَدَرْ

لا أَرى الجَنَّةَ إِن أُدخِلتُها

وَهيَ خُلوٌ مِنكَ إِلّا كَسقَرْ

مُنيَتي في غُربَتي قَبلَ الرَدى

أَن أُمَلّي مِن مَجاليكَ البَصَرْ

ظَمِئَت نَفسي لِمَغناكِ فَهَل

يُطفىءُ الحَرقَةَ بِالفُؤادِ القَدَرْ

فَيُصلّي القَلبُ في كَعبَتِهِ

وَتَضُمُّ الروحُ قُدسِيَّ الحَجَرْ

وَتَمرِّينَ بَيمَناكِ عَلى

جَسَدٍ أَضناهُ في البُعدِ السَهَرْ

وَيُغَنّي الطَيرُ في أَشجارِهِ

نَغَماً يُرقِصُ أَعطافَ الشَجَرْ

خَبَرٌ تَنقُلُهُ ريحُ الصِبا

وَيُذيعُ الزَهرُ أَنسامَ الخَبَر

وَيُلاقي كُلُّ إِلفٍ إِلفَهُ

وَيَلُمّانِ الشَتيتَ المُنتَثِرْ

يا بِلادي أَرشِفيني قَطرَةً

كُلُّ ماءٍ غَيرَ ما فيكَ كَدَرْ

لَيتَ مِن ذاكَ الثَرى لي حَفنَةٌ

أَتَمَلّى مِن شَذا التُربِ العَطِرْ