وعد بلفور

العُربُ ما خَضَعوا لِسُلطَةِ قَيصَرِ

يَوماً وَلا هانوا أَمامَ تَجبُّرِ

لا يَصبِرونَ عَلى أَذىً مَهما يَكُنْ

وَالحُرُّ إِن بَسَمَ الأَذى لَم يَصبِرِ

والتُركُ قَد كَبِروا وَإِنّا مَعشَرٌ

كَبروا فَوقَ تَكبُّرِ المُتَكَبِّرِ

وَإِذا بِهِ أَمرٌ نَبيِّتُهُ لَهُم

تَحتَ الأَسِنَّةِ وَالقَنا وَالسَمهَري

وَأَتى الحَليفُ وَقامَ في أَعتابِنا

مُتَحَيِّراً أَنا هُدى المُتَحَيِّرِ

وَاِستَنصَرَ العَربَ الكِرامَ إِنَّهُم

غوثُ الطَريدِ وَنُصرَةُ الُستَنصِرِ

وَإِذ عتاقُ العُربُ تورى في الدُجى

قَدحاً وَتَصهَلُ تَحتَ كُلِّ غَضَنفَرِ

وَإِذا السُيوفُ كَأَنَّهُنَّ كَواكِبٌ

تَهوى تَلامِعُ في العِجاجِ الأَكدَرِ

رَجَحَت مَوازينُ الحَليفِ وَمَن نَكُن

مَعَهُ يُرَجَّحُ بِالعَظيمِ الأَكثَرِ

وَبَنَت لَنا أَسيافُنا صَرحاً فَلَم

يَحفَظَ جَميلَ العُربِ يا لِلمُنكِرِ

في ذِمَّةِ الرَحمنِ صَرعى جدَّلوا

وَعَلى ثَرىً بِدَمِ الرِجالِ مُعَصفَرِ

غَدرَ الحَليفُ وَأَيُّ وَعدٍ صانَهُ

يَوماً وَأَيَّةُ ذِمَةٍ لَم يَخفرِ

لِما قَضى وَطراً بِفَضلِ سُيوفِنا

نَسِيَ اليَدَ البَيضا وَلَم يَتَذَكَّرِ

وَإِذا الدَّمُ المهراقُ لا بِمراقِهِ

حَدوى وَلا بِنَجيعِهِ المُتَحَدِّرِ

يا ذا الحَليف سُيوفُنا وَرِماحُنا

لَم تَنثَلِمْ فَاِعلَم وَلَم تَتَكَسِّرِ

بِالأَمسِ أَبلَت في عِداكَ وَفي غَدٍ

في كُلِّ قَلبٍ غادِرٍ مُتَحَجِّرِ

تَغلِي الصُدورَ وَلَيسَ في غَلَيانِها

إِلّا نَذيرُ العاصِفِ المُتَفَجِّرِ

وَلَقَد تَصَبَّرنا عَلَيكَ فَلَم نُطِق

مِنكَ المَزيدُ وَلات حينَ تَصَبُّرِ

هذي البِلادُ عَرينُنا وَفِدىً لَها

مِن نَسلِ يَعرُبَ كُلُّ أَسدٍ هَصَّرِ