العزم ينفذ ليس البيض والسمر

العَزمُ يَنفُذُ لَيسَ البيضُ وَالسُمُرُ

تِلكَ العَزيمَةُ مِنها هَذِهِ الأَثَرُ

فَتحٌ يُضَيِّقُ صَدرَ الكُفرِ شارِحُهُ

صَدرَ الهُدى فَالتَقَت بُشراهُ وَالنُذُرُ

كَأَنَّهُ سُحُبٌ تَرمي صَواعِقُها

أَرضاً وَيَنزِلُ في أُخرى بِها المَطَرُ

كَأَنَّ مِصرَ وَصورَ السورِ باطِنُهُ

فينا وَظاهِرُهُ فيهِمُ بِما كَفَروا

لَولا المَليكُ صَلاحُ الدينِ ما لَبِثَت

في مِصرَ أَن تُعبَدُ الصُلبانُ وَالصورُ

فَسَدَّ ثُغرَتَها وَاِشتَدَّ مُعتَمِداً

أَرضَ العَدُوِّ فَلَم يَلبَث بِها الظَفَرُ

يُبكي الفِرِندَ سُرورُ المُسلِمينَ كَما

يَطيبُ ثَوبٌ بِوَردٍ وَهوَ مُعتَصِرُ

جاءَت أَكابِرُهُم تَلقى مُكابَرَةً

فَأَلبَسَ الصُغُرُ ذاكَ الكِبرُ وَالكِبَرُ

وَاِستَلأَموا لتَرُدَّ البَأسَ لامَتهُم

وَلا يَرُدُّ مِجَنٌّ ما رَمى القَدَرُ

وَجهُ اللِعَينِ إِلى الدَوارومِ مُنضَغِطاً

وَلِلبَواتِرِ مِنهُ وَالقَنا الدُبُرُ

كَأَنَّ مُرّي يُبَكّي مُرَّ نَكبَتِهِ

عودٌ يُقَطِّرُ ماءً وَهوَ يَستعِرُ

ما كانَ يَحسَبُ أَنَّ اللَهُ يَقهَرُهُ

مِن مِصرَ إِذ هِيَ أُنثاهُ وَلا ذَكَرُ

قَد كانَ ذا طَمَعٍ فيها وَذا طُعَمٍ

فَعادَ يَأساً وَبَأَساً صَوبُهُ دِرَرُ

فَلَيسَ يَدري أَيَبكي شَجوَ مَملَكَةٍ

فاتَتهُ أَم خَوفَ ما يَخشى وَيَنتَظِرُ

وَغَزَّةٌ غَرَّةٌ الكُفرِ الَّذي وَطِئتُ

جَبينَهُ الغُزُّ لَم يَترُك لَها أَثَرُ

سالَ الحَرَمانِ فيها مائِرَينَ مَعاً

دَمٌ وَخَمرٌ وَلا كُفرٌ وَلا سَكَرُ

وَأُضرِمَت لَهَباً فيهِ العِدى جُثَثاً

كَأَنَّها وَهُم يَصِلونَها سَقَرُ

فَالحَمدُ لِلَّهِ هَذيِ نَعمَةً شَمَلَت

ديناً وَدُنيا فَلا عُذرٌ وَلا ذُعُرُ

أَبا المُظَفَّرِ فَاِهنَأ حَظَّ مُنتَخِبٍ

أُخرى الزَمانِ لِدينٍ كادَ يَنبَتِرُ

زَهِدتَ فيما سَبى الأَملاكُ مُنكَدِراً

عِلماً بِمُلكِ نَعيمٍ ما بِهِ كَدَرُ

وَطِبتَ نَفساً عَنِ الدُنيا وَزُخرُفَها

وَجِئتُ تُقَدِّمُ حَيثُ الهَولُ وَالخَطَرُ

فَأَنتَ لِلعُمَرَينِ ثالِثٌ وَرَعاً

وَعَزمَةً شَبَّ مِنها لِلهُدى عُمُرُ