تصاريف دهر أعربت لمن اهتدى

تَصاريفُ دَهرٍ أَعرَبَت لِمَن اِهتَدى

وَبَسطَةُ أَمرٍ أَغرَبَت مَن تَمَرَّدا

لِسُرعَةِ فَتحِ القُدسِ سِرٌّ مَغيبُ

وَفي صَرعَةِ الإِفرِنجِ مُعتَبِرٌ بَدا

أَتَو كَحِبالٍ أُبرِمَت لِإِسارِنا

فَسُقناهُم فيها قَطيناً مُجَدَّدا

وَساموا تِجاراً تَشتَرينا غَوالِياً

فَبِعناهُم فيها قَطيناً مُجَدَّدا

وَجَرّوا جُيوشاً كَالسُيولِ عَلى الصَوا

فَآضَت غِثاءً في البِطاحِ مُمَدَّدا

وَقالوا مُلوكُ الأَرضِ طَوعُ قِيادِنا

إِذا الكُلُّ مِنهُم في القُيودِ مُعَبَّدا

وَقَد أَقطَعُ الكِندُ العِراقَ مُوَقَّعاً

فَأَودَعَ سِجناً وَسطَ جَلَّقٍ مُؤصَدا

وَأَقسَمَ أَن يَسقي بِدِجلَةَ خَيلَهُ

فَما وَرَد الأَردُنَ إِلّا مُصَفَّدا

فَكَم واثِقٍ خَجلانَ قَهقَهُ خَصمَهُ

وَكَم سائِقٌ عَجلانَ قَهقَرَ مَقعَدا

أَتى الكِندُ مِن إِسبانَ يَحمي قُمامَةً

فَكانَ تَفَضّي مُلكِهِ قَبلُ يُبتَدى

فَما عَقَدَ الراياتِ إِلّا مُحَلِّلاً

وَلا حَلَّلَ الراياتِ إِلّا مُعَقِّدا

وَوَقعَةَ يَومَ التَلِّ إِذا قَبَضَت بِهِ

جَبابِرَةُ الإِفرِنجِ حَيرى وَشُرَّدا

عَلَيهِم مِنَ البَلوى سُردِقَ ذِلَّةٍ

وَمَن ذَلَّ ماتَت نَفسُهُ فَتَقَيَّدا

تَرى المَنسِرَ الديوي يُلقي سِلاحَهُ

وَيَنساقُ ما بَينَ السَبايا مُلَهَّدا

يُباعونَ أَسراباً شَرائِحَ أَحبُلٍ

كَشَلَّةِ عُصفورٍ مِنَ الريشِ جُرِّدا

فَتَلَقّى نَصارى جَلَّقٍ في مَأتَمٍ

يُسَرّونَها إِلّا شَجىً وَتَنَهُّدا

أَلَم تَرَ لِلسُلطانِ صَدَّقَ نَذرَهُ

دَمُ الغادِرِ الإِبرِنسِ فَاِقتيدَ أَربَدا

وَباشَرَهُ بِالقَتلِ وَسطِ جَنابِهِ

وَعايَنَهُ الكِندُ المَليكُ فَأَرعَدا

وَضاقَت بِنَفسِ القُمصِ الأَرضِ مَهرَباً

فَأَدرَكَهُ المَوتُ المُفاجِئُ مُكَمَّدا

وَما طَرَقَ الأَسماعَ مِن عَهدِ آدَمَ

كَمَلحَمَةِ التَلِّ الَّتي تَلَتِ العِدا

أَتَوا وادِياً ما زالَ يَنفي خَبائِثاً

وَيَصفى بَعَبِقي الدارَ طائِفَةَ الهُدى

بِهِ جُثِمَت أَصحابُ ليكَةَ وَهيَ في

ذُراهُ وَذا فيهِ شُعَيبٌ تَأَيَّدا

أَرى اللَهَ فيهِ مَعجِزُ النَصرِ مُخلِصاً

لِأَمرِ صَلاحِ الدينِ في الناسِ مُخَلَّدا

وَأَعدى جُنودَ الرُعبِ يَردي عِداتُهُ

وَسَلَّمَ جَميعَ المُسلِمينَ مُجَنَّدا

وَمَن عَجِبَ خَمسونَ أَلفَ مُقاتِلٍ

سَبَتهُم جُيوشٌ لَيسَ فيها مَن اِرتَدى