قديم هواكم في الفؤاد قراره

قَديمُ هَواكُم في الفُؤادِ قَرارُهُ

فَكَيفَ بِهِ مُذ شَطَّ عَنكُم مَزارُهُ

يَرى حُسنَكُم وَالصَدُّ أَظلَمَ لَيلُهُ

فَهَل لِوِصالِ أَن يُضيءَ نَهارُهُ

تَرَكتُم حَشاهُ مِن أَسىً وَتَذَبذُبٍ

جَناحَ قَطاً خَفَقاً فَبانَ اِصطِبارُهُ

وَما لِبِلى ذا الجِسمِ وَجدي وَإِنَّما

يُباحُ حِمى راجٍ لَكُم وَجُوارُهُ

وَحالي عَلى ما سَرَّ أَو ساءَ مِنكُمُ

كَحالَةِ مُخمورٍ زَهاهُ خُمارُهُ

أَلَذُّ اِهتِياجِ الشَوقِ بي سَحَراً إِذا

تَفاقَمَ ما أَلقى وَثارَ أُوارُهُ

أَما وَالَّذي أَعلى بِيوسُفَ دينَنا

بِرُغمٍ لِشانيهِ المَلومِ اِزوِرارُهُ

لَقَد قَدَحَت آرلاؤُهُ زَندَ خاطِري

بِنَظمٍ سَما وَصَفا جَلِيّاً كُبارُهُ

لِمَلِكٍ مُريدٍ لِلعَويصِ بِفَهمِهِ

فَيَعبُرُهُ وَعرَ المَساقِ اِعتِبارُهُ

رَأَيتُ جَلِيّاً مِن مَعونَةِ رَبِّنا

لَهُ دائِماً يَزهو البِلادَ اِفتِرارُهُ

فَلِلَّهِ دَهرٌ قَد أَمِنّا شُرورَهُ

وَقَد ذَبَّ عَن نَهجِ العُلُوِّ شِرارُهُ

وَقامَ صَلاحُ الدينِ بِالشِركِ فاتِكاً

وَأَطواقُ أَعناقِ المُلوكِ شِفارُهُ

مُديرُ رَحىً لِلحَربِ صادٍ حُسامُهُ

إِلى مُهجُ يُلقى الشَرارَ غِرارُهُ

غَداةَ طَحا بِالمُشرِكينَ اِقتِحامُهُ

أَخو دُلجٍ مُستَنقِذُ القُدسِ ثارُهُ

حَبا مِنحاً وَاِستَشعَرَ الأَمنَ شامُهُ

بِلا حَرَجٍ مُستَنقِذُ القُدسَ ثارُهُ

سَطا مَرَحاً صَولاً تَلاهُ اِبتسامُهُ

عَلى فَرجٍ أَبدى فَأَحيا اِنتِشارُهُ

أَعَزَّ مَكاني إِذ أَزالَ ضَرورَتي

وَما ذِلَّةُ الإِنسانِ إِلّا اِضطِرارُهُ

وَلا عَزِّةٌ إِلّا وَلاءٌ وَقُربَةٌ

تَحَلّى بِه شَخصٌ موفى فَخارُهُ

وَما الإِفكُ مِن ناسٍ عَموا بِمُعَجَّزٍ

لِشَهمٍ فَلَيسَ الوَهمُ يَعلو مُثارُهُ

وَمَن أَبدَأَ النُعمى عَساهُ يُتِمُّها

بِأَلطافِ ذي جَدى مُفاضٍ سِتارُهُ

يَجودُ فَلَيسَ الأَعظَمُ الثائِرُ الثُبا

لِيوفي عَلى مُعطىً أُمِدَّ اِحتِقارُهُ

لَقَد مُدَّ لِلإِسلامِ أَقوى عُرى الهُدى

وَتَمَّ اِقتِداءُ ثُمَّ عَمَّ اِشتِهارُهُ

بِما خَصَّ مَلكاً ذادَ جَيشَ فَرَنجَةٍ

وَفاجَأَهُ يُلمي عَلَيهِم إِسارُهُ

عَطاءٌ قَضاهُ رَبُّنا بِتَكافُوءٍ

وَأَودَعَهُ خَلقاً تَساوى اِفتِقارُهُ

فَلا قَتَدٌ إِلّا شَواهُم سُتورُهُ

وَلا مَسدٌ إِلّا طُلاهُم شِعارُهُ

وَسيقوا فَما تَدري الفَتاةُ بِإِلفِها

قَريباً وَلا يَدري الفَتى ما اِنتِظارُهُ

سَرى قَدَرٌ فَاِغتالَ إِفرِنجَ ساحِلٍ

بِما لَم يَغُل طاغي ثَمودَ قُدارُهُ

فَقَد عَلِموا تَحقيقَ ما جَهَلوهُ مِن

نَكيرٍ قَديرٍ لا يُطاقُ حِذارُهُ

وَعَزمُ صَلاحُ الدينِ إِذ جَهَلوهُ قَد

تَسَلَّطَ فيهِم صَوتُهُ وَاِنتِصارُهُ

بَني أَصفَرٍ أَلقوا السِلاحَ وَوَحِدّوا

وَإِلّا دَهاكُم مَن سَباكُم بِدارُهُ

فَيوسُفَ أَجلاكُم مِنَ الأَرضِ عَنوَةً

وَيُجلى فَما يُبقي عَلَيكُم نِفارُهُ

وَكَم رامَ صَعباً جاءَ فيهِ بِمُعجِزٍ

يَقومُ لِثاءٍ في الشُؤونِ اِنتِشارُهُ

وَكَم واجِمٍ مِن رَوعِهِ في مُلوكِكُم

عَسى الفَتحُ إِبداءً بِهِم مُستثارُهُ

فَأَشبانُ مَن إِثخانِهِ في تَنافُرٍ

تَرى جُندُهُ داهٍ لَها مُستَطارُهُ

وَرايَتُهُ الصَفراءُ زاهٍ زِفافُها

إِلَيها اِبتِكاراً حَيثُ رادَ اِزدِيارُهُ

وَأَبناؤُهُ أَهلُ المَعالي تُنَوَّروا

هُداهُ فُروعاً راقَ فيها ثِمارُهُ

الأَفضَلُ في الأَملاكِ شَخصُ فَضائِلٍ

إِذا عُدَّ ما قَد خُصَّ عَزَّ اِنحِصارُهُ

تَجَلّى بِنورِ الدينِ ما تاهَ عَصرُنا

بِهِ نامِياً كَهلُ التَمامِ وَقارُهُ

يَلوحُ بِدارِ العَدلِ ذا أَريحِيَّةٍ

بِرَأيٍ رَواهُ عَبرَةً مُستَشارُهُ

دِمَشقُ لَها مِنهُ شَمائِلُ يوسُفَ

سَماحاً وَإِقداماً حَمى مُستَجارُهُ

عَلى سُرحاً جَلّا مُنيراً مَقامُهُ

سَنى لَهَجٍ أَزهى مَداهُ اِبتِدارُهُ

حُلىً مِدحاً يُسَمّى فَينَمى اِعتِيامُهُ

شَذا أَرِجٍ بِالمَكرُماتِ اِفتِخارُهُ

فَرى نُدحاً إِشراقُهُ وَاِنتِسامُهُ

لِمُبتَهِجٍ يَومَ الهِياجِ خِطارُهُ

يَرى وَضَحاً وَالنَقعُ داجٍ ظَلامُهُ

لَدى لَجُجٍ يُزجي الكُماةَ شِعارُهُ

مُداعِسُ أَبطالٍ تَنازَت فِقادُها

مَطايا أَبِيٍّ لا يُرامُ قِطارُهُ

لِعُلُوِّ المَقاماتِ اِستطالَ بِفَمِهِ

فَتىً هُوَيدِري أَينَ يَسمو اِختِيارُهُ

فَيوسُفَ بَينَ المُلكِ وَالدينِ واقِفٌ

بِسَيفٍ وَشَرعٍ دائِرٍ حَيثُ دارُهُ

مُحَيّاهُ نورُ المُعتَفى مُطلِعٌ مُنىً

وَأَمناً وَلِلعادي عَلى الرُعبِ نارُهُ

وَكَم صادَ ذا مُلكٍ يُباهي بِجَيشِهِ

فَأَسحَرَ حَتّى اِرفَضَّ عَنهُ اِعتِكارُهُ

وَأَمَّ دِيارَ الشائِدينَ ضَلالَةً

فَبادوا وَشيدَت بِالأَمانِ دِيارُهُ

أُفاتِحُ دارَ القُدسِ قُم لِمُعانِدي

هُدىً وَآلَسَ الحاكي ذَوِيَّهُ خَيارُهُ

أَرِق دَمَ أَعداءٍ مِنَ العِلمِ وَالتُقى

وَقَد لَبِسوا ما آبَ وَصَماً عَوارُهُ

وَجالَسَ عُداةً مِن سَما وَضعَت لَهُ

خِيانَةَ عَهدٍ بَيِّنٍ فيهِ عارُهُ

وَمانَت فَبانَت أَقطارُها دَنَت

وَدانَ لَكَ الأَطغي مُبيناً صِغارُهُ

وَأَيسوفِيّاً تَرجوكَ مِثلَ قِيامَةٍ

فَذا الفَتحُ يَعلو العالَمينَ جِهارُهُ

عَدُوُّكَ واهٍ حَيثُ تَمَّ سُفورُهُ

وَأَمرُكَ زاهٍ حَيثُ أَمَّ سِفارُهُ

وَديباجُ سِحرٍ رَقمُ أَندَلُسٍ سِما

وَجَليانَةٌ بَينَ البِلادِ مَنارُهُ

فَما لِشَآمَ أَو عِراقٍ بِفَهمِهِ

يَدٌ فَبِأَقطابِ العُلومِ مَدارُهُ

وَقَد جَهَلوهُ صورَةً وَقِراءَةً

فَماذا عَسى إِبداعُهُ وَاِبتِكارُهُ

إِذا خُصَّ شَخصٌ في الأَنامِ بِمُعجِزٍ

فَلَيسَ لِثانٍ في مَداهُ اِقتِدارُهُ