عن المنفى مقام سابع

إلى/الأب الرفيق توماس سينكارا

الإله الذي غُدر به باكراً من قبل قوى الشر!

(1 )

وحيداً أنتَ في المنفى

يتسرَّب الجنون إلى روحكَ

روحكَ التي صارت خربة

كوكرِ عناكبٍ!

نصفكَ حيٌّ ، بينما نصفكَ الآخر ،

يرزح تحت ثقل اللا معنى!

(2 )

ها أنتَ إبن العدم

تتساقط عنكَ الحياة ،

ورقةً ورقة ، كزهرةٍ غزتها الجفاف

تتصحّر وتُذبل ،

ثم تتهاوى داخل عدم كثيف ،

يبتلعكَ وكأنكَ لم تكن يوماً!

(3 )

ها أنتَ كلوحةٍ ضُربتْ ألوانها

بريشةٍ رسّامٍ سوداويٍّ ،

لم يرَ في الحياة سوى بؤسها!

رسّامٌ تعرفه الأقبية الحزينة

والأرصفةِ الضيقةِ المكتظةِ

بأشباحِ بشرٍ يطلقون الشتائم!

رسّامٌ تعرفه حانات السُكرِ الليلي

وقناني نبيذ رديء

تعرفه عتبات المواخير

وأحضان المومسات!

(4 )

ها أنذا صرخةُ عدمٍ

على شفيرِ سكينِ الوجود

بكاء الله الولول ،

حسرته الكامدة ،

ذنبه الصغير على فكرةِ المشيئة!

(5 )

أو ربما عاهرة بجسدٍ متورِّدٍ

بعد سهرةٍ ، قدّتْ مِن قميصِ الخطيئة

تنهض مِن سريرِ الشهوةِ

عارية ، يغازل نهداها ،

ستائر الغرفة باهتة الأضواء!

(6 )

مَن لم يترك حواف معطفه

على كراسي الحانة المهترئة ،

مَن لم يرَ أحدهم يدلق النبيذ

والحزن يخرج مِن فمه ،

كفراشاتِ الصباح ؛

مَن لم يعرف معنى التيه

بعد ليلة سُكرٍ لعينٍ ؛

مَن لم تهدُّ لوعة الحنين جسده

إلى وطنٍ فُطِم منه

قبل الآوان ؛

مَن لم يذق كل هذا ،

فهو ليس جديراً بأن يقول كلمةً لأحد

أن يبصقَ في وجه الحياة

أو أن يكتبَ نصّاً ، كوحيٍّ

يذيب صخرة العدم!

(7 )

في المنفى الحياة خرابٌ يسيل مِن فمِ الله

مملكةٌ على تخومِ جحيمٍ تتأججُ ناره!

في المنفى الحياة جثةٌ منفوقةٌ لا تغري

الكلاب السائبة ، ولا القطط الشريدة!

في المنفى وحده ستموت البراءة ، تشنقُ

على يدِ آلهة الظلام .

ستموت البراءة مخنوقاً ، بعينين جاحظتين

مِن فاجعةِ غدرٍ لعينٍ!