ارفع رأسك

من أيِّ سماءٍ يَتنـزَّل هذا الصَّوتُ

الصافي كمياهِ النهرِ العذب

ليس جديداً..

وكأني أتذكرهُ

لكن السّنوات العجفاء السوداء

حَمَلَتْ هذا الصّوتَ بعيداً عني

حَمَلَتني عنه بعيداً

مَالَ الرأسُ على الصّدر

تخثَّرَ

عاد لِيَركعَ لِطُغاةٍ في لون الموت

وفي إحساس الأخشابْ.

“ارفع رأسَك…”

هذا صوتٌ أعرفه

لم يتنـزَّلْ مِن أيِّ سماءٍ

غير سماءِ الدنيا

مِن هذي الأرض

ومِن بين صفوف الفقراء

تصاعدَ لحنًا عذباً

شفّافْا..

لم تحفظه صدورُ الناسِ المنخورة

لم تَستوعِبه شوارعُ خانعةٌ

أحنَت لسرايا الذلِّ الهامات

وعاد إلى الناس القهر

المحروس بِحوَّاماتِ “أباتشي”

وهِراوات “البنتاجون”.

“ارفع رأسَك…”

هذا الصّوت المنسيّ

المحفور على جدران الروح العربي

عاد لِيَدخلَ ذات صباح

في صمتِ شوارعَ ميتةٍ

خانعةٍ

فأعاد إليها النبض..

انتفضتْ

وتساقط ماءُ الخوف

تشكّل ورداً ونجوماً

وهتافاتٍ تُلهِب وجدانَ

الإنسانْ.

“ارفع رأسَك…”

مازال الصّوت يُسافر

من دون جوازٍ

يتنقل من بلدٍ عربيّ

كي يستقبلَه بلدٌ عربيٌ آخَر

لا توقِفه صُورُ القتلى

وهَديرُ الدبَّابات

ولا تُفزعُه بقعُ الدّم الساخن.

هو يدري أن العرسَ عظيم

والقربانَ إلى الحُريةِ

يَبقى الأعظمْ