اللوحة من كتاب القرية

حملوهُ إلى السجنِ..

شيخٌ عجوزٌ

تطاردُهُ في القيودِ الثمانونَ

شدُّوا يديهِ إلى الخلفِ

ساروا بِهِ..

صرخَ الطفلُ: جَدّي

بكى قلبُهُ وتضرَّعَتِ المقلتانِ

ولكنّهم جرجروهُ

مشى عاريَ القدمينِ

الحجارةُ تُدميهِ

والشوكُ يرضعُ منْ قدميهِ

وفي السجنِ عانقَ أحزانَهُ

وتدثَّرَ باليأسِ

أغمضَ عينيهِ منْ حسرةٍ

ثمَّ ماتْ!

* * *

(ما الذي تبقّى

في ذلكَ الينبوعِ القَصِيِّ مِنْ رَذاذٍ؟

لماذا تعودُ بِهِ الذّاكرةُ

إلى هذا الحُطامِ المطمورِ؟

يا للّوعةِ!

شيخٌ عجوزٌ وحيدٌ

يقفُ في مواجهةِ سَرِيَّةٍ منَ الجندِ

ظامئةٍ إلى الفتكِ بابنِهِ

الذي اختارَ طريقَ التمرُّدِ.

تتوارَى الذِّكرى

تقتربُ،

تجلدُهُ الأطيافُ

وتسُدُّ نوافذَ الضوءِ.

الأرضُ ما تزالُ شاهدةً

الترابُ مبتلٌّ بالدموعِ

وبرائحةِ الجبروتْ).