كوابيس وأحلام

وَطَنٌ لا يَنَامْ

وَطَنٌ لا تَنَامُ الزُّهُورُ بهِ

لا يَنَامُ الحَمَامْ..

وَطَنٌ كانت الشمسُ مِن مائِهِ تَرتَوِي

وتُقَبِّلُهُ حِينَ تَنهَضُ مِن نَومِهَا

وتُقَبِّلُهُ وهي ذاهبةٌ لِتَنَامْ

ما الذي جَدَّ؟

كيفَ استَوَى وَطَنًا آيلًا لِلسُّقُوطِ

ومَقبَرَةً لِلسَّلامْ!

***

كلما اشتَدَّ صَوتُ الرَّصَاصِ

ولَعلَعَ في الصَّدرِ خَوفِي

خَرَجتُ إلى سَطحِ بيتي

وأَرسَلْتُ طَرْفِيَ نَحوَ السَّماءْ

فَيَأسرُنِي ما أَرَاهُ على أرضِها

مِن سَلَامْ

ويُرعِبُنِي ما أراهُ على أرضِنا

مِن ظَلَامْ

وما يَستوي في حواضِرِها

وقُرَاها

وشُطآنِها

مِن خَرَابْ.

***

كلما اشتَدَّ صَوتُ الرَّصاصِ

ولَعلَعَ في الصَّدرِ خَوفِي

خَرَجتُ إلى سَطحِ بَيتِي ونادَيتُ:

يا أهلَنَا..

أيُّها اللَّابسُونَ دُرُوعَ الحُروبِ

إلى أينَ تَمضُونْ؟!

إنَّ الطريقَ إلى اللهِ

لا تَبتَدِي مِن هُنا

والطَّريقَ إلى القُدسِ

لا تَبتَدِي مِن هُنا

فاخلَعُوا لامَةَ الحَربِ

واحتَكِمُوا لِلحوارْ

***

كلما اشتَدَّ صَوتُ الرَّصاصِ

وأَمْعَنَ في قَصفِهِ..

ذَبُلَ الوَردُ

وازدَادَ خَوفُ الحَدِيقةِ

غَادَرَهَا ماؤُها

وغِناءُ العَصَافِيرِ..

لا شَيءَ حِينَ يُلَعلِعُ صَوتُ الرَّصاصِ

يَظَلُّ على حالِهِ..

لا المَدينةُ

لا النَّاسُ

لا الشَّجَرُ الـ كانَ يَحرُسُ في اللَّيلِ

حُلمَ القَمَرْ.

***

كلما اشتَدَّ صَوتُ الرَّصاصِ

ولَعلَعَ في صَدريَ الخَوفُ

أَشرَقَتِ الشَّمسُ مِن خَلفِ (غَيْمَانَ)

وابتَلَّتِ الطُّرُقاتُ بماءِ المَحَبَّةِ

عادَ الهَوَاءُ قلِيلًا.. قليلًا

وأغمَضَتِ الأرضُ أجفانَها..

حَاوَلَت أن تَنَامْ.

***

كلما اشتَدَّ صَوتُ الرَّصاصِ

ولَعلَعَ في صَدرِيَ الخَوفُ

قُلتُ لِنَفسِي:

سَحَابَةُ حَربٍ سَتَمضِي

وتَبدَأُ عائِلَةُ اليَمَنِيّينَ

_أطفالُها، وحَرَائِرُها، والرِّجالْ

لِتَلْتَفَّ فِي لَحظَةِ الحَسْمِ

مِن حَولِ مائدةِ الحُبِّ..

تَأكُلُ خُبزَ “المُلَوَّح”

وتَشرَبُ مِن ماءِ (شَمسانَ)

كأسَ الوِئامْ.

***

لا تَخَافُوا عَلَيه

على وَطَنٍ عَرَكَتْهُ الشَّدائدُ

واعتَصَرَت رُوحَهُ الحَادِثاتْ

ولا تَحزَنُوا..

إنَّهُ طائِرُ الرّخِّ

يَدخُلُ في النَّارِ..

يَخرُجُ مِن حَدَقاتِ الرَّمَادِ فَتِيًّا

كَمَا صَوَّرَتْهُ عَوَاطِفُنا

وتَمَنَّتْهُ أحلامُنا

وَطَنًا..

ناصِعًا كالنَّهار.