مختارات من كتاب صنعاء

كانت امرأة

هبطتْ من ثياب الندى

ثم صارت قصيدة

هي عاصمةُ الروح

أبوابها سبعةٌ

– والفراديس أبوابها سبعةٌ

كلُّ بابٍ يحقق أمنيةً للغريب

ومن أيّ بابٍ دخلتَ

سلامٌ عليك

سلامٌ على بلدةٍ

طيّبٌ ماؤها طيبٌ

في الشتاءات صحوٌ أليفُ

وفي الصيف قيظٌ خفيف

** **

مكة عاصمة القرآن،

باريس عاصمة الفن،

لندن عاصمة الاقتصاد،

واشنطن عاصمة القوة،

القاهرة عاصمة التاريخ،

بغداد عاصمة الشعر،

دمشق عاصمة الورد،

وصنعاء عاصمة الروح.

** **

ذات حلمٍ

هبطت على سلمٍ من أساطير

محفورةٍ في ضمير الزمان

رأيتُ بيوتا من الضوء

أعمدةً من نهارٍ بهيجٍ

وأسواق من فضةٍ

وشوارع من ذهبٍ

قيل لي: تلك صنعاءُ….

إنَّ صنعاء غير التي في دمي

لا يراها سوى الحلم، نافرةً،

ولها جسدان وشمسان

فاهبطْ على سلّمٍ من مرايا الحروف

وصفِّقْ إذا ما وصلتَ أقاصي المدينةْ.

** **

تحت صنعاء مدن كثيرة متعددة الأسماء،

اغتالتها أصابع الزمن

ذات يومٍ صرخ أحد السوّاح:

صنعاء تنام تحت صنعاء

بدأ الحفر بأظافره

وجد سلّما من الرخام

يؤدي إلى غرفٍ ذات ضوءٍ صاعق

وإلى سلالم مغطاةٍ بسجاجيد ناعمةٍ

في واحدةٍ من هذه الغرف

رأى مسرجة من المرمر الأبيض

كانت تتحدث بلغةٍ لا يفهمها

ورأى أشخاصا نائمين

يتأهبون للصحو

وبجوارهم سيوف من الذهب الخالص

وقبل أن يسعفه الجنون

كان في طريقه إلى المطار

** **

يكتب الحجرُ المتوهّج أشكاله

وامتداداته،

في الفضاء حنينٌ إلى الشرفات

قصورٌ من السرو

صفصافةٌ تتحدى النجومَ

بأوراقها

حجرٌ أبيض القسماتٍ،

وآخر أسودُ

يحتفلان بميلاد عاصمة

الروح….

ثم أقواس استيقظتْ

خرجتْ من غبار الزمن

وأعمدةٌ،

وقبابٌ،

وما ليس تُحصي القصائدُ

من حجرٍ مورقٍ،

وأساطيرُ آجرةٍ،

وكتابْ.

** **

في كل صباحٍ خريفي يخرج الشاعر

من نومه

قبل أن يطلّ وجه الشمس

من وراء “غيمان”

يرتدي دهشة الأطفال ويحشر نفسه في الأزقة

الضيقة

ليكتب تاريخ الحجارة

وأحلامها

حجارة من كل الألوان

والأشكال، من كل الأزمنة والعصور

ذات صباح أنصت الشاعرُ بعينيه إلى صوتٍ

طالعٍ من حجرٍ أخضر يقول:

ليس البشر وحدهم من تتعدد فيهم

الألوان

والأجناس

الأحجار أيضا تتعدد ألوانها