موسمها الكرنفال

جاءتنى ..

تَرْفُلُ فى الدَّلِّ ، وفى التِّيهِ ، وفى النَّجْوى

تسبقُها أطيافٌ مِن فيضِ البِِشْرِ ،

وأسرابٌ مِن أطيارِ البُشْرَى ،

واحدةٌ تُسْتَثنَى

فى روْعَتها ال ” تَنْدَاحُ ” حَوَاليْهَا ،

إذْ تخطو

تتثنَّى ،

وكأنْ تخطو فوقَ الموجِ ،

أو لكأنْ تعْبُرُ خَطَرَا ،

أو لكأنْ يزَّاحَمُ قُدَّامَ مسيرتِها

جيشٌ

مِن عشَّاقٍ يَصْطَرِعون عليها ،

والمغيراتُ صُبْحًا وعصْرَا .

أو لكأنْ تتفَلَّتُ مِن غابةِ النَّازِحينَ

إلى مرجِها العَسْجَدِىِّ

عِشَاءً وفجْرَا .

آهٍ .. لو مُتِّعتَ على مَهَلٍ بالنَّظَرِ إلى مِشْيتِها ؛

لانشرحَ الصَّدرُ ،

أو انفطَرَ مِن اللوعةِ وجْدَا ،

وانْتَفَضَتْ روحُكَ مِن مَكْمَنِها ،

وانطلَقَتْ تصطافُ …

انطلقتْ سكْرَى .

آهٍ .. لو أيَّدَك القدُّوسُ بمعجزةٍ كُبْرَى

ومددَّتَ إلى أغصانِ مفاتِنها يدَّا …

.. لو مَتَّعك اللهُ ببسمتِها ،

أو يُسِّرْتَ لملمسِ خدَّيها

لصعدتَ إلى الفردوسِ الأعلَى ،

ونهلتَ من الكوثرِ شَهْدَا ،

تسْبِقُكَ الفرحةُ ، والأشواقُ

إلى روعةِ ثغْرٍ

يا الله .. إذا تلثمُه

تَسْتَافُ الوردَ.

.. لو مُلِّكتَ مفاتيحَ القلبِ ،

فقَدْ مُلِّكتَ – على عجلٍ –

فى الدُّنيَا مَلِكَا ،

وبدَّدتَ مِن التِّهْيَامِ ، ومِن نجوى الليلِ ،

ومِن تِيهِ غوايَتكَ المُلْكَا .

آهٍ .. لو تصْعَدُ عيناكَ إلى عينيها ؛

تعْرُجُ فى مِعراجِ سماواتٍ سَبْعٍ

وتعاينُ ما أنْزَلَه الله على الملَكَيْنِ

ببابلَ سِحْرَا ،

وتسافِرُ فى مَلَكُوتٍ عُذْرِىٍّ تَيَّاهٍ ،

لا تدرى إن كنتَ تفِرُّ إلى سِدْرَتِها

أو كُنْتَ تكرُّ إليها كرَّا .

آهٍ .. لو يُدْنيِكَ القلبُ ؛

فقد أُجْلِسْتَ على عرشِ مَمَالكِ بلْقيسٍ

أو مُلِّكْتَ حدائقَ بابلَ ،

أو مُكِّنْتَ مِن القدِّ الفوَّاحِ

فقد مُلِّكْتَ حدائقَ غُلْبَا .

تُمْنِيكَ من اللوزِ الحولىِّ

ومِن جَوْزِعسلىِّ

وتَخُشُّ مواسمَها ؛

تقطفُ ما يَدْنو

وتُمَرِّغُ خدَّيْكَ وكفَّيْكَ

على سندُسِها الأبا ،

وهنالكَ يبدأُ موسِمُكَ القمرىُّ

وتستنشقُ رائحةَ البحرِ الأبيضِ

ريحًا صبَّا ،

ويداهِمُكَ المدُّ ؛ فتبْحِرُ ،

يحْدُوكَ الطَّيرُ ، وأجنادٌ لا تُدْركُها ،

وتَكِبُّ على وجهكَ كَبا

لا تدرى إن كان البحرُ عصيًّا

أو كنتَ على عصيانكَ

تُبْحِرُ طوعَا ،

تتمنى أن تتأبدَ فى رحلَتكَ اللُجْبَى ،

لا تسألُ : أيَّانَ المَرْسَى ؟

تمضِى ..

لمساءاتٍ أخرى ،

وشواطئَ أخْرَى ،

يسكُنُها اللؤلؤ والياقوتُ

وأصدافٌ أخرى …

تتقافَزُ حوْلَيْكَ جَآزرُها ،

وأيائِلُها ،

وأرانبها ,

فوق الكُثْبَانِ النَّاعمةِ الحَرَّى

يتموسَقُ هذا الكونُ إذا تَرْسُو ،

ينْفَرطُ إذا تنفرطُ جدائلُها

غُدْرانًا ،

وخمائلَ ،

ومُرُجًا خضْرَا ،

وتَرِِفُّ طيورٌ ، وفراشاتٌ حَوْلَيْكَ

تَسْتبدِئُكَ الرقصَ ،

وتستَفْتِحُك النَّشوة ،

وتجئُ غزالاتٌ سَكْرَى

تسْتَبْديِكَ على عجلٍ

خَمرَا .

وهنالكَ تزهو فى موسمِكَ السِّحرىِّ

ال ” يتوهجُ ” بالخَوخِ

وبالعُنَّابِ

وبال ……

تهتفُ : يا بُشْرَى ‍‍‌‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍!.

جاءتنى ..

ترْفُلُ فى الدَّلِّ ،

وفى التِّيهِ ،

وفى النَّجوَى

واحدةٌ تُسْتَثْنَى ،،،،،،