سطا بحسام مقلته وصالا

سَطا بحُسام مقلته وَصالا

كأنّي جئتُ أسألُه الوِصالا

وجار على المتيَّم في جفاه

وأجرى أدْمُعَ الصبّ انهمالا

ومهما ازددت بين يديه ذلاً

يَزد عزًّا ويتبعه دلالا

حكى البدرَ التمام له مُحَيًّا

وشابه قدُّه الغصنَ اعتدالا

وأذَّنَ حُسْنُه للوجد فيه

فشاهدنا بوجنته بلالا

بقلبي نار خدٍّ قد تلظَّتْ

فتورث في جوانحي اشتعالا

وفي جسمي سقام عيون خشف

عدت منها لي الداء العضالا

وما أنسى بذات الرمث عهداً

مضى لكن حسبناه خيالا

زماناً لم نحاذر فيه واشٍ

ولم نسمع لعذال مقالا

وكم قد زارني رشأ غرير

فأرشفني على ظمأٍ زلالا

وعهدي ليله أبداً قصير

فلما سار من أهواه طالا

وأنَّى يرتجي الَّلاحي سلُوِّي

وقد ذابت حشاشتي انسلالا

أيهديني عن الأَشواق لاحٍ

وما قد زادني إلاَّ ضلالا

فلا تسألْ وقيت الشرّ دمعاً

إذا ما لاح برق الحيف سالا

أَحَلَّتْ سربُ ذاك الربع قتلي

ولم يك قبلهن دمي حلالا

ولو أبصَرتَ إذ رحلوا فؤادي

رأيت الصبر يتّبع الجمالا

ألا لله ما فعلتْ بقلبي

جفون لم تخل إلاَّ نصالا

وربٍّ قد كسا الأَحباب حسناً

كساني من صبابتها انتحالا

وإنِّي في الغرام وفي التصابي

كمثل محمَّدٍ حزت الكمالا

فتًى في العلم والإِكرام بحرٌ

وكانَ وروده عذباً زلالا

له عزم حكى الشمّ الرَّواسي

وخُلقٌ قد حكى الرِّيح الشمالا

ومرتاح إلى الإِكرام طبعاً

ولا يحوي لبذل المال مالا

أحبّ الناس في الدنيا لديه

فتًى أبدى لنائله السؤالا

ويهوى المكرمات بكلِّ آنٍ

ولن نلقى به عنها ملالا

وكانَ نداه للعافين وصلاً

وكانَ على أعاديه وبالا

كساهُ الله تاجاً من فخارٍ

وألبسه المهابة والجلالا

فلو زالتْ جبال الله عنها

لكانَ وقاره فيها جبالا

نديّ الكفّ راحته غمام

فلو لمس الحصى فيها لسالا

وما بخلتْ له أبداً يمينٌ

وما عَرَفَ المواعد والمطالا

همامٌ لو يروم الأُفق نيلاً

بباعٍ من عزائمه لنالا

ويؤذن بشرُه بسحاب جود

وكان تبسم الكرماء خالا

لقد نلنا به صعب الأَماني

فلم نعرف بساحته المحالا

وحبر العلم بل بحر غزير

أجلّ الناس في الدُّنيا نوالا

بدا منه محيّا ثم نور

فأمسى في ذوي الآمال فالا

ومدَّ يمينه في البسط يوماً

فأغمرنا عطاءاً واتِّصالا

حباهُ اللهُ في حسن السجايا

وتلك عطيَّة الباري تعالى

خلالٌ كالصوارم مرهفات

أجادتها محاسنه الصقالا

فإن قلنا لدى الدُّنيا جميل

عنينا حسن خلقك والخصالا

أتحصي المادحون له كمالاً

ومن ذا عدّ في الأرض الرمالا

وما غالتْ بك المُدَّاحُ حَمْداً

إذا ما فيك أطنَبَ ثمَّ غالى

أعوذ ببأسه من كلِّ خطبٍ

فقد أضحى على الدُّنيا عقالا

وعزم يقهر الأَعداء قهراً

وإنْ لم تلتق منه قتالا

فلو طاولنَه السُّمر العوالي

على نيل المرام إذنْ لطالا

وقد كمل العلوم وكلّ فخر

وقد زان المفاخر والكمالا

وما هو غير بدر في المعالي

فلا عجب إذا نالَ الكمالا

فلو شاهدت في التقرير منه

بياناً خلته السحر الحلالا

يهدي الله فيه الخلق رشداً

وفيه يكشف الله الضلالا

ولم يترك لأهل الفخر فخراً

ولم يترك لذي قولٍ مقالا

فما خابت ظنون أخي مرامٍ

أصارك في مطالبه مآلا

فخذها سيِّدي منها قصيداً

وصيّر لي رضاك بها نوالا