البردعة

أَفْنَيْتُ في الِجدِّ مَا أَفْنَيْتَ في اللَّعِبِ

وَذُقْتَ في النَّوْمِ مَا قَدْ ذُقْتُ في التَّعَبِ

وَكَانَ بَطْنُكَ هَـمًّا مَا اتَّـخَذْتَ أَخًا

إلَّا عَلَيْهِ، وَهَمِّي صُحْبَةُ الْكُتُبِ

شَتَّانَ مَا هِمَّتِـي وَالْـهَمُّ مِنْكَ..فَدَعْ

حَرْبِـي فَلَسْتَ بِنِدٍّ لِـي لِتُولَعَ بِـي

بَيْنِـي وَبَيْنَكَ سَدٌّ لا تُطِيقُ لَهُ

رَدْمًا.. وَلَوْ كُنْتَ في يَأْجُوجَ ذَا نَسَبِ

فَمَا وُلُوعُكَ بي يُدْنِيكَ مِنْ شَرَفِي

وَمَا يَحُطُّ نُبَاحٌ مِنْكَ مِنْ رُتَبِـي

إِذَا قَضَى اللهُ رَفْعِي عَنْكَ مَنْزِلَةً

فَمَا أُبَالِـي بـِمَا تَحْتَالُ عَنْ كَثَبِ

وَالْـحُرُّ مُـمْتَحَنٌ بِالأَرْذَلِينَ أَبًا

وَشَرُّ مُـمْتَحِنٍ مَنْ لَـمْ يُضَفْ لِأَبِ

مَنْ شَابَ مَاضِيهِ مِنْ دُونِ الوَرَى كَدَرٌ

أَغْرَتْهُ بِابْنِ صَفَاءٍ خِسَّةُ الْحَسَبِ

وَشَبَّ في حِقْدِهِ مَنْ لَـمْ يَكُنْ كَدِرًا

حَتَّى يُسَاوِيَهُ مَا عَزَّ في الكَرَبِ

نَأَى بِهِ الْـجُبْنُ أَنْ يَغْزُو.. فَإِنْ يَرَهُ

يُغْزَى أَعَانَ عَلَيْهِ كُلَّ مُغْتَصِبِ

إِلَيْكَ عَنِّي.. فَإِنِّي لَسْتُ مُبْصِرَ مَنْ

يَعِيشُ مِنْ شَرَفٍ يَشْرِيهِ بِالنَّشَبِ

وَقَدْ عَذَرْتُكَ إِنِّـي لا أُبَارِزُ مَنْ

يُعْزَى إِلَـى خَطَأٍ في سَالِفِ الْحِقَبِ

لَسْنَا مَثِيلَيْنِ في عِلْمٍ وَلا نَسَبٍ

وَلَا قِتَالٍ ولاَ حِلْمٍ وَلَا أَدَبِ

وَلَوْ قُتِلْتُ بِسَيْفٍ مِنْكَ إِنْ عَرَفَتْ

كَفَّاكَ تَحْمِلُهُ مَا كُنْتَ تُغْرَم بِـي

خَصْمِي مُذِلُّكَ مَنْ يَرْمِيكَ حَيْثُ يَرَى

الإِقْدَامَ حُمْقًا .. فَيَدْعُو كُلَّ ذِي ذَنَبِ

إِنْ يُدْعَ لِلشَّرِّ يَسْبِقْ مَنْ دَعَاهُ وَإِنْ

نَادَى الْمُنَادِي إِلَى العَلْيَاءِ لَـمْ يُـجِبِ

يَتُوبُ في الْيَوْمِ عَمَّا لَـمْ تُصِبْ

سَبْعِينَ شَوْطًا.. وَلاَ يُرْضِي يَدُهُ الْمُذِلَّ غَبِـي

خَصْمِي مُرِيدِي شَبِيهًا مِنْكَ يَـخْنُقُهُ

إِنْ يَتَّقُوا بِكَ نَارَ الشَّعْبِ لَـمْ تَرَنِـي

فَدَعْ طَريقِي.. فَإِنِّي عَنْكَ فِي شُغُلٍ

فَلَا يَثُورُ.. عَدِيمَ البَأْسِ في الغَضَبِ

كَالنَّاسِ مُنْشَغِلاً بالْـجُرْحِ عَنْ سَبَبِ

بِمَنْ غَذَاكَ بِـمَالِـي ثُـمَّ غَرَّكَ بِـي