قبس من نور وهدى

أَفْنَيْتُ في السَّعْيِ عُمْرِي غَيْرَ مُرْتَفِقِ

وَالصَّبْرُ زَادُ الْمُنَى.. وَالنَّفْسُ في الرَّمَقِ

أَسْعَى إِلَيْكَ وَخَيْلِي في الدُّرُوبِ كَبَتْ

مِنْ زَحْمَةِ الْهَمِّ لا مِنْ زَحْمَةِ الطُّرُقِ

شَوْقِي يَحُثُّ وَآثامي تَكِيدُ لَهَا

وَالدَّرْبُ أَطْوَلُ مِنْ أنْفاسِ مُسْتَبِقِ

وَبَيْنَ مَدِّ الْخُطَى وَالْجَزْرِ قَافِيَةٌ

تَغْدُو بِمَدْحِكَ بَيْنَ الْغَوْصِ والغَرَقِ

آنَسْتُ نُورًا.. وَقَوْمِي يَصْطَلُونَ هَوىً

في ظُلْمَةِ الْجَهْلِ في مُسْتَنْقَعِ النَّزَقِ

ظلمٌ وجَهْلٌ وتضليلٌ ومَفْسَدَةٌ

والحقُّ أَشْرَدُ مِنْ نوْمٍ لِذِي أَرَقِ

آنسْتُ نُورَكَ والنيرانُ مُحْرِقَةٌ

مَنْ يَصْطَلِي بِهَوَى الأَحْزَابِ والفِرَقِ

كلٌّ يَرَى رَأْيَهُ دِينًا وَيُعْجِزُهُ

أَنْ يُبْصِرَ الْحَقَّ دِينًا وَهْوَ في الأُفُقِ

مُذْ كانتِ الأرضُ والنيرانُ مُوقَدَةٌ

ومَنْ يَلُذْ بِسِوَى الرَّحْمَنِ يَحْتَرِقِ

آنستُ نوركَ في جُنْحِ الظلامِ صُوىً

لِلْحَائرينَ وَمَنْجَاةً لذِي فَرَقِ

فَجِئْتُ مُقْتَبِسًا للناسِ مِنْكَ هُدىً

مِنْ آخرِ “الشَّرْحِ” أَوْ مِنْ أَوَّلِ “العَلَقِ”

يَا سَيِّدَ الخَلْقِ يَا رُوحَ الْحَيَاةِ وَيَا

غَيْثَ القُلُوبِ وَطِبَّ الحَائِرِ القَلِقِ

يا جَنَّةَ اللهِ في أرضِ الشَّقَاءِ، وَيَا

شمسَ الدُّنَا، وسَنَا المِشْكَاةِ في النَّفَقِ

يا نسْمَةَ الْحُبِّ، يا بُشْرَى الوُجودِ، وَيَا

ماءَ الحياةِ ونَبْعَ العَرْفِ والعَبَقِ

لَـمْ يَنْأَ قَوْمٌ عنِ الإسلامِ فَاجَتَمَعُوا

إلاَّ تَمَزَّقَ ثَوْبٌ خِيطَ مِنْ مِزَقِ

ولاَ أضَاعَ هُدَاكَ النَّاسُ واصْطَنَعُوا

هَدْيًا فَأَفْلَحَ مَنْ بالدِّينِ لَـمْ يَثِقِ

يَا طِبَّ كُلِّ عَلِيلٍ بِالقُرَانِ شَفَى

أَهْلَ الْهُمُومِ ودَاوَى كُلَّ ذِي حُرَقِ

يَا رَحْمةَ اللهِ هُبِّي.. وابْعَثِي سَبَبًا

يَنْجُو بأُمَّتِنَا مِنْ لُجَّةِ الْغَرَقِ

إنْ جِئْتُ في هَرَمِ الدُّنْيَا فَلِي أَمَلٌ

أَرَاهُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ في الشّفَقِ

يَا سَيِّدَ الرُّسْلِ لي في المدْحِ مَفْخَرَةٌ

وإنْ تَقَاصَرَ شِعْرِي عَنْ ذُرَى الوَمَقِ

هَذِي قَوافٍ كَنَبْضِ القَلْبِ مُتْعَبَةٌ

شَوْقًا إِلَيْكَ تُنَاجِي النُّورَ في الغَسَقِ

ظَمْأَى لِوِرْدِكَ.. إنْ مَا خِفْتُ كَبْوَتَهَا

أَعَذْتُهُنَّ بِرَبِّ النَّاسِ وَالفَلَقِ

أَرْسَلْتُهَا رَائِدًا لي في الطَّرِيقِ إِلَى

لُقْيَاكَ يَا بَلْسَمًا يَشْفِي فُؤَادَ شَقِي

صَلَّى عَلَيْكَ إِلَهُ الكَوْنِ مَا رُفِعَتْ

كَفٌّ إلَيْهِ وَمَا بُلَّ الثَّرَى وَسُقِي

مَا قِيلَ شِعْرٌ، وَمَا أَوْعَتْهُ مِنْ أُذُنٍ

أَوْ أَثَّرَتْ قُبْلَةُ الأَقْلاَمِ في الوَرَقِ