رثاء وأمل في اللقاء

يَا إِخْوَتِي الشُّهَدَاءَ ذَاكَ سَلامُ

إِنَّ الْحَيَاةَ بِفَقْدِكُمْ آلامُ

أَنْتُمْ نَصَرْتُمْ دِينَ رَبِّي فِي الْوَرَى

حِينَ التَّذَلُّلُ وَالْخُنُوعُ يُرَامُ

أَنْتُمْ أَبَيْتُمْ أَنْ تَعِيشُوا فِي الرَّدَى

وَلَغَيْرُكُمْ عَشِقَ الْحَيَاةَ يُضَامُ

حَشَفٌ يَضَنُّ بِهِ الْعِبَادُ وَأَنْتُمُ

مُزْنٌ وَهَلْ أَعْطَى الدِّمَاءَ غَمَامُ

دَمُكُمْ لأَحْرَارِ الْحَيَاةِ مَفَاخِرٌ

وَمِنَ الْقُعُودِ الْوَاهِنِينَ يُلامُ

صِرْتُمْ مَلاحِمَ أُمَّةٍ تَبْكِي الدِّمَا

وَدُمُوعُهَا كَنَصِيرِهَا أَحْلامُ

صِرْتُمْ أَثَالَ الدِّينِ يَفْخَرُ بَعْدَمَا

ظَلَّ الْقُرُونَ عَلَى الثُّغُورِ طَغَامُ

مَنْ يَصْدُقِ الرَّحْمَنَ يَصْدُقْهُ وَذَا

خَبَرُ الدِّمَاءِ وَلِلدِّمَاءِ كَلامُ

هَذِي قُبُورٌ لا النُّجُومُ مُشِعَّةٌ

أَيُضِيءُ لَيْلَ الْيَائِسِينَ رِجَامُ

اللَّيْلُ يَشْكُو بَاكِيًا أَيْنَ الأُلَى

مَلأُونِ نُورًا سُجَّدًا وَقِيَامُ

نُورًا وَدِفْئًا مِنْ دُمُوعٍ يَا لَهَا

أَنُسُورُ بَاسٍ أَمْ أُلاكَ حَمَامُ

وَالشَّمْسُ تَحْتَرِقُ الأَسَى كَالأُمِّ قَدْ

ذَبَحَ الرَّضِيعَ بِحِجْرِهَا الظُّلاَّمُ

أَيْنَ الَّذِينَ لِقَاؤُهُمْ وَوَدَاعُهُمْ

بِالذِّكْرِ كَمْ زِيدَ الْوُجُودَ ظَلامُ

أَنَا مِثْلُهُمْ نُورُ الْحَيَاةِ وَلَيْتَنِي

مَعَهُمْ فَيَبْقَى لِلْوَرَى الإِعْتَامُ

لَوْلا بَقِيَّةُ مُؤْمِنِينَ أُحِبُّهُمْ

لَوَدِدْتُ أَنَّ أَشِعَّتِي أَضْرَامُ

وَالأَرْضُ تَحْزَنُ لا تَقَرُّ كَأَنَّهَا

عَذْرَا أَضَاعَتْ حُسْنَهَا الأَسْقَامُ

مَاذَا دَهَانِي هَلْ هُمُومِي أُثْقِلَتْ

أَوْ زَالَ عَنِّي وَيْلَتِي الأَعْلامُ

أَيْنَ الَّذِينَ رُكُوعُهُمْ وَسُجُودُهُمْ

يُعْطِينِ رَوْحًا لِي بِهِ اسْتِرْحَامُ

أَيْنَ الأُلَى يَمْشُونَ هَوْنًا مَا جَرَى

يَا لَيْتَنِي لِعَدُوِّهِمْ أَلْغَامُ

الْكَوْنُ وَدَّعَكُمْ حَزِينًا دَامِعًا

فِي مَشْهَدٍ يَا لَيْتَنِي رَسَّامُ

قَلْبِي يَفِيضُ تَشَوُّقًا وَيَرَاعَتِي

كَتَبَتْ قَرِيضًا فَاضَ مِنْهُ وِئَامُ

لَوْلا الشَّهَادَةُ قَدْ رَثَيْتُكُمُ رِثَا

صَخْرٍ، وَمَنْ صَخْرٌ؟! إِذَنْ سَأُلامُ

هَلْ نَفْسِ أَبْكِي أَوْ أُسَرُّ لِفَوْزِكُمْ

بِشَهَادَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ إِنْعَامُ

هَلاَّ أَعِيشُ بِخَاطِرِي مَعَكُمْ فَلا

تُدْمِي الْجِرَاحُ الْقَلْبَ ذَاكَ مَرَامُ

أَمْ أَنَّنِي مَحْرُومُ طَيْفٍ بِالدُّجَى

يُؤْسِي جِرَاحِي هَلْ لِيَ الأَحْلامُ

طَيْفٌ وَأَحْلامٌ غِنًى لِعَزِيمَتِي

فَلَعَلَّ لِي مَعَكُمْ يَكُونُ مُقَامُ