رسول الهدى

اللَّيْلُ دَاجٍ وَالنَّهَارُ ظَلَامُ

وَالظُّلْمُ عَاتٍ وَالْحَيَاةُ حِمَامُ

وَالْكُفْرُ يَغْشَى الْكَوْنَ حَتَّى بَدْرُهُ

أَضْنَاهُ لَيْلٌ مَا بِهِ أَحْلَامُ

وَالْأَرْضُ تَجْأَرُ قَدْ نَأَتْ بِحُمُولِهَا

كُفْرٌ وَطُغْيَانٌ وَشَرٌّ تَامُ

وَكَأَنَّ هَذِي الْأَرْضَ صَارَتْ غَابَةً

أَشْجَارُهَا كُفْرٌ أَسًى إِجْرَامُ

صَارَتْ تَمَنَّى لَوْ تَزَلْزَلُ بِالْوَرَى

فَتَرِيحَ مِنْ ذَا الْكُفْرِ وَهْيَ رِجَامُ

وَالشَّمْسُ تَحْتَرِقُ – الْأَسَى وَدُعَاؤُهَا

يَا لَيْتَ ضَوْئِي إِذْ يُشَعُّ ضِرَامُ

أَنَّى لِجِرْمٍ أَنْ يُبِيدَ ضِيَاؤُهُ

ظُلُمَاتِ كُفْرٍ وَالظَّلَامُ يُشَامُ

فَإِذَا بِرَبِّ الْكَوْنِ يُرْسِلُ رَحْمَةً

نُورًا يُبِيدُ الظُّلْمَ ثُمَّ يُدَامُ

كَالْفَجْرِ يَخْرُجُ مِنْ ظَلَامٍ دَامِسٍ

كَالرُّوحِ تُحْيِي الْمَيْتَ وَهْوَ رِمَامُ

وُلِدَ السَّنَا فَالْأَرْضُ ضَاءَتْ وَالسَّمَا

وَالْكُفْرُ بَاكٍ قَدْ أَتَاهُ حِمَامُ

وُلِدَ الْهُدَى فَالْكَوْنُ بُشِّرَ بِالنَّدَى

وَالْحَقُّ بُشْرَاهُ أَتَاهُ غَمَامُ

وُلِدَ النَّصِيرُ لِكُلِّ أَحْرَارِ الْوَرَى

فَبِهِ عَلَا رَأْسَ الطُّغَاةِ رَغَامُ

وُلِدَ الْيَتِيمُ فَعَزَّ وَصْفًا فِي الْوَرَى

فَلْيَفْخَرِ الْمِسْكِينُ وَالْأَيْتَامُ

مَا أَسْعَدَ الدُّنْيَا تَعَاظَمَ فَرْحُهَا!

سَيَظَلُّ يَغْشَى وَجْهَهَا الْإِسْلَامُ

فِي يَوْمِ مَوْلِدِهِ كَسَا الدُّنْيَا الْهَنَا

وَتَوَعَّدَ الْبُؤْسَ الْبَهِيمَ جَمَامُ

وَتَوَقَّفَ التَّارِيخُ إِجْلَالًا لَهُ

تَارِيخُهُ اللَّحَظَاتُ لَا الْأَعْوَامُ

فِي سِيرَةٍ مَلَأَ الْوُجُودَ أَرِيجُهَا

مِنْ نَهْرِهَا يَتَضَلَّعُ الْأَعْلَامُ

وَدَّ الزَّمَانُ لَوِ الْحَبِيبُ مُحَمَّدٌ

مَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهَ أَيَّامُ

نَزَلَ الْأَمِينُ بِأَمْرٍ “اقْرَأْ” أَحْمَدٌ

حَرِّرْ عُقُولَ النَّاسِ أَنْتَ إِمَامُ

أَنْتَ الرَّسُولُ لِفَكِّ أَغْلَالِ الْوَرَى

فَلْيَخْسَأِ الطُّغْيَانُ وَالْأَصْنَامُ

اقْرَأْ وَأَحْيِ الْعِلْمَ وَانْشُرْ نُورَهُ

وَلْيَخْسَأِ الْكُفْرَانُ وَالْأَوْهَامُ

وَمَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ أَتْمِمْ نُورَهَا

لِلدِّينِ وَالْأَخْلَاقِ أَنْتَ خِتَامُ

هَبَّ النَّبِيُّ يُبَلِّغُ الْإِسْلَامَ مَنْ

يُؤْمِنْ بِهِ فَلِجِسْمِهِ الْآلَامُ

وَالْقَلْبُ مَوْصُولٌ بِرَبٍّ مُنْعِمٍ

وَالرُّوحُ فِي رَوْحٍ غَشَاهُ سَلَامُ

إِنْ عَذَّبُوا الْأَجْسَادَ يَا لَشَقَائِهِمْ

فَالْقَلْبُ وَالْأَرْوَاحُ كَيْفَ تُسَامُ؟!

أَيُعَذَّبُ الْأَحْرَارُ لَوْ لَمْ يَسْجُدُوا

لِطُغَاتِهِمْ وَالْحُرُّ كَيْفَ يُضَامُ؟!

أَيُعَذَّبُ الْحُرُّ الْأَبِيُّ لِأَنَّهُ

لَمْ تَعْنُ إِلَّا لِلرَّحِيمِ الْهَامُ؟!

نَثَرُوا الْعَذَابَ عَلَى الصَّحَابَةِ عَلَّهُ

يُرْدِي الْهُدَى التَّعْذِيبُ وَالْإِرْغَامُ

كَمْ رَاعَهُمْ أَنَّ الْأُبَاةَ أَعِزَّةٌ

لَمْ يَثْنِ عَزْمَهُمُ أَسًى وَحِمَامُ!

وَتَقَدَّمَ الْأَحْرَارَ سَيِّدُهُمْ فَنَا

لَ الْمُصْطَفَى مِنْ بَأْسِهِمْ إِجْرَامُ

يَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ لِلدُّنْيَا تَرَى

ذَاكَ الْأَذَى بِالْمُصْطَفَى وَتُقَامُ؟!

كَيْفَ الْجِبَالُ تَحَمَّلَتْ ذَا وَالسَّمَا؟!

يُدْمِي الرَّسُولَ وَيَزْدَرِيهِ طَغَامُ!

رُحْمَاكَ يَا أللهُ ذَاكَ الْمُصْطَفَى

يَشْكُو تَجَبُّرَ مَنْ لِحِبِّكَ ضَامُوا

فَتَنَزَّلَتْ رَحَمَاتُ رَبِّي مُؤْنِسًا

لِرَسُولِهِ نُعْمَى لَهُ وَجَمَامُ

أَسْرَى بِهِ الرَّحْمَنُ يُشْهِدُ عَيْنَهُ

مَلَكُوتَهُ، هَلْ بَعْدَ ذَا إِنْعَامُ؟!

فَمَلَائِكُ الرَّحْمَنِ وَالرُّسْلُ الْكِرَا

مُ صُفُوفُ تَقْوَى وَالرَّسُولُ إِمَامُ

رَقِيَ الرَّسُولُ إِلَى السَّمَاوَاتِ الْعُلَا

فَعَلَا مَقَامًا لَمْ يَصِلْهُ مَقَامُ

مَا لِلسَّمَا إِلَّا ضِيَاهُ وَسَعْدُهَا

بُشْرَايَ لَيْلَةَ وَطْئِيَ الْأَقْدَامُ

كَمْ قَدْ غَبَطْتُ الْأَرْضَ مَوْطِئَ أَحْمَدٍ

وَالْيَوْمَ أَنْعَمُ إِذْ لِيَ الْإِكْرَامُ

وَتَجَبَّرَ الطُّغْيَانُ وَاشْتَدَّ الْأَسَى

وَأُوَارُ مَلْحَمَةِ النَّبِيِّ ضِرَامُ

فَأَتَاهُ أَمْرُ اللهِ: هَاجِرْ وَاهْجُرَنْ

وَطَنًا غَشَاهُ الْكُفْرُ وَالْآلَامُ

وَطَنُ الْكَرِيمِ يَعِزُّ فِيهِ بِدِينِهِ

لَا طَغْيَ فِيهِ وَلَا عَزِيزَ يُضَامُ

بِمَدِينَةِ الْأَنْوَارِ قَامَتْ دَوْلَةٌ

لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا أَتَى الْإِسْلَامُ

لَمْ يَشْهَدِ التَّارِيخُ أَرْضًا مِثْلَهَا

فِيهَا الْهُدَى وَالْعَدْلُ وَالْأَعْلَامُ

هِيَ أُمَّةُ الْقُرْآنِ عِزٌّ لِلْوَرَى

تُرْدِي الطُّغَاةَ وَلِلْأَنَامِ سَلَامُ

صَارَتْ كَشَمْسٍ أَهْدَتِ الدُّنْيَا الضِّيَا

بِحَضَارَةٍ خُلُقُ الْعُلُومِ ذِمَامُ

فَتَحَرَّرَ الْإِنْسَانُ يَعْبُدُ رَبَّهُ

وَتَكَسَّرَ الْأَغْلَالُ وَالْإِجْرَامُ

مَا أَقْبَحَ الطَّاغُوتَ أُلِّهَ فِي الْوَرَى!

يُطْغِيهِ عَفْوٌ وَالدَّوَا الصَّمْصَامُ

لَمْ يَرْضَ طَاغُوتٌ بِأَحْرَارِ الْوَرَى

إِلَّا إِذَا مَا قَدْ عَلَاه حُسَامُ

وَتَنَزَّلَ الْقُرْآنُ يَبْنِي أُمَّةً

حَتَّى أُتِمَّ الدِّينُ وَالْإِنْعَامُ

يَا سَيِّدَ الْأَحْرَارِ يَا رَأْسَ الْإِبَا

يَا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ تُدَامُ

أَدَّيْتَ أَمْرَ اللهِ وَحْدَكَ حَامِلًا

أَمْرًا تَنُوءُ بِحِمْلِهِ الْأَعْلَامُ؟!

بِأَبِي وَأُمِّي مَا أَصَابَكَ شَوْكَةٌ

فَفِدَاكَ رُوحِي سَعْدُهَا الْإِقْدَامُ

وَأَصَابَ هَذَا الْكَوْنَ أَعْظَمُ نَكْبَةٍ

حُرِمَ النَّبِيَّ، فَأَيُّ كَرْبٍ طَامُ؟!

لَا وَحْيَ بَعْدَ الْيَوْمِ لَكِنْ نُورُهُ

هَدْيُ النَّبِيِّ وَذَا الطَّرِيقُ أَمَامُ

كَمْ يَدَّعِي حُبَّ النَّبِيِّ مِنَ الْوَرَى!

لَمْ يَصْدُقَنْ إِلَّا تَبِيعٌ تَامُ

قَدْ غَادَرَ الدُّنْيَا وَلِلْحَقِّ الْعُلَا

وَتَزَلْزَلَ الطُّغْيَانُ والظُّلَّامُ

يَا مُصْطَفَى إِنَّا حُرِمْنَا صُحْبَةً

وَلَنَا رَجَاءٌ؛ فِي الْجِنَانِ مُقَامُ

فِي صُحْبَةٍ أَبَدِيَّةٍ تُنْسِي الْأَسَى

وَلَصُحْبَةُ الْهَدْيِ الْمُنِيرِ ذِمَامُ

صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا نَهْرَ الْهُدَى

فَلْتَرْوِ حِبًّا قَدْ عَرَاهُ أُوَامُ