الشهيدة

كرجوع السنى لعيني كفيف

بغتة كاخضرار نعش جفيف

وكما مدت الحياة يديها

لغريق على المنية موفي

وكما ينثني إلى خفق شيخ

عنفوان الصبا الطليق الخفيف

رجعت فجأة رجوع وحيد

بعد شك إلى أبيه اللهيف

كابدت دربها إلى العودة الجذلى

وأدمت شوط الصراع الشريف

حدقت من ترى ومن ذا تنادي؟

أين تمضي: إلى الفراغ المخيف؟

وأرتها خوالج الذعر وجهاً

بربرياً كباب سجن كثيف

وجذوعاً له وجوه وأذقان

وإطراقة الحمار العليف

فتنادت فيها الظنون وأصغت

لخفيف الصدى ووهم الخفيف

وكما يرتمي على قلق السمع

هدوء بعد الضجيج العنيف

سرحت لمحة فطالعها شيء

كإيماءة السراج الضعيف

كان يعطي حياته للحيارى

وعلى وجهه اعتذار الأسيف

فأحست هناك حياً مهيضاً

يتلوى تحت الشتاء الشفيف

قرى بعن عمرهن على أدنى

الخصومات والهراء السخيف

واشرأبت ثقوبهن إلى الريح

يسائلن: عن شميم الرغيف

فدنت تنظر الحياة عليهن

بقايا من الغثاء الطفيف

والدوالي هناك أشلاء قتلى

جمدت حولها بقايا النزيف

وتجلت أماً تجعد فيها

عرق الصيف وارتعاش الخريف

سألتها عن أسمها فتبدى

من أخاديدها حنان الأليف

واستدارت تقص: إن أباها

من (زبيد) وأمها من (ثقيف)

فأعادت لها الربيع فماست

في شبابين تالد وطريف

نزلت ضيفة الحنان فكلنت

لديار الضياع أسخى مضيف

نزلت في مواكب من شروق

وحشود من اخضرار الرفيف

في إطار من انتظار العصافير

ومن لهفة الصباح الكفيف

وتهادت على الربى فتلظى

في عروق الثلوج دفء المصيف

وأجادت من الفراغ وجوهاً

وجباهاً من الشموخ المنيف

رجعت فانثنى اصفرار التوابيت

إلى خضرة الشباب الو ريف