تحدي

هددونا بالقيد أو بالسلاح

واهدروا بالزئير أو بالنباح

وكلوا جوعنا وسيروا على أشـ

ـلائنا الحمر، كالخيول… الجماح

واقرعوا فوقنا الطبول وغطوا

خزيكم بالتصنع الفضاح

هددونا لن ينثني الزحف حتى

يزحف الفجر من جميع النواحي

قسماً لن نعود حتى ترانا

راية النصر في النهار الضاحي

خوفونا بالموت: إنا استهنا

في الصراع الكريم بالأرواح

قد ألفنا الردى كما تألف الغا

بات عصف الخريف بالأدواح

واحتقرنا قطع الرؤوس وأدم

نا المنايا في حانة السفاح

فاحفروا دربنا قبوراً فإنا

سوف نمضي للدفن أو للنجاح

نحن شعب أعيا خيال المنايا

وتحدى يد الزمان الماحي

كلما أدمت الطغاة جناحاً

منه أدمى نحورها بجناح

أتعب السجن والقيود ولم يتعب

وأغفى سجانه وهو صاحي

ساهر كالنجوم يستولد الفجر

ويومي إليه بالأجراح

أيها العابثون بالشعب زيدوا

ليلنا واملأوه بالأشباح

لغموا دربنا: ومدوا دجانا

واطفئوا الشهب وانتظار الصباح

سوف نمشي على الجراحات حتى

نشعل الفجر من لهيب الجراح

فاستبيحوا دماءنا تتورد

وجنة الصبح بالدم المستباح

إنما تنبت الكرامات أرضٌ

“سمدت تربها” عظام الأضاحي

ودماء الشهيد أنضر غارٍ

في جبين البطولة اللماح

وجراحاتنا على الأفق أبهى

شفقٍ لامٍ وأزهى وشاح

قد أجبنا صوت المروءات لما

عربد الظالم النيد الإباحي

وابتنى القصر من ضلوع الملا

يين، وجوع الأجير والفلاح

فخلعنا عن صدره قلب “شم

شون” وعن وجهه قناع “سجاح”

نحن سرنا على الدماء إليه

وعلى النار والقنا والصفاح

وانطلقنا على المنايا كأنا

نتمنى الحتوف في كل ساح

لم ترنح مصباحنا أي ريح

دمنا الزيت في فم المصباح

نحن شعب خضنا إلى الفجر هولاً

فاغراً في الطريق كالتمساح

وعبرنا ليلاً كألسنة الحيات

والدرب عاصفٌ بالتلاحي

وتفشت دماؤنا في الروابي

السمر، كالعطر في مهب الرياح

بيننا والمرام خطوة عزمٍ

واثبٍ كالضحى شباب الطماح

قسماً لم نقف عن السير حتى

نضفر الغار جبين الكفاح