خطرات

قال لي: هل تحس حولك رعبا

وعجاجاً كالنار طار وهبا؟

فكأن النجوم شهقات جرحى

جمدت في محاجر الأفق تعبى

قلت: إن الطريق شب عراكاً

آدمياً في أجيف الغنم..شب

فكأني أشتم في كل شبرٍ

ميتةً تستثير كلباً.. وكلبا

أقوياءٌ تفني الضعاف وتدعو

خسة الغالبين نصراً وكسبا

قال: إنا نبكي الضعيف صريعاً

ونهني القوي رغباً ورهبا

زعم المرء أنه علة الدنيا

فأشقى ما هب فيها ودبا

واستباح ابنه وأردى أخاه

وتولى تراث قتلاه غصبا

فكأن الثرى رفات ضحايا

زورتها السنون طيناً وعشبا

قلت: لا توقظ “المعري” فيلقى

“أم دفرٍ” أغوى خداعاً وأصبى

ويرانا أخس من أن يثير الهجو

أو نستحق نقداً وسبا

لا تذكر “أبا العلا” إن جيل اليو

م أضرى من جيل أمس وأغبى

وهنا قال صاحبي: لا تعامى

فترى ألمع المحاسن ذنبا

يا أخي: والهوى يصم ويعمي

كيف ترضى الهوى دليلاً وركبا؟

فتأمل تجد صراعاً… كريماً

وصراعاً جم النذالات خبا

وقتيلاً يغفو ويسهر ثاراً

وشهيداً يندى سلاماً وحبا

ودماً في الثرى تجمد جمراً

ودماً في السماء أورق شهبا

ونفاحاً أخزى هجوماً وترباً

سمدته الدماء فاخضر خصبا

وذكرنا أنا نسير وأغفى

جهدنا والطريق ما زال صعبا

دربنا كله عجاجٌ وريحٌ

كفنت جوه رماداً وحصبا

وظلام ٌ تأله الشر فيه

وتمطى شيطانه فتنبا

وصراع إن أطفأ الضعف حرباً

شب حقد الرماد حرباً فحربا

كيف نسري؟ وراءنا عاصف يط

غى، وقدامنا أعاصير نكبا

يتلهى بخطونا عبث الريحين،

دفعاً إلى الأمام وجذبا

قلت: ليت الممات ينهي خطانا

قال: ما كل من دعا الموت لبى

يا رفيقي: الموت شر… وأدهى

منه… أنا نريده وهو يأبى

قال لي: لا تقف: تقو بزندي

مضينا نشد بالجنب جنبا

واتحدنا جنباً كأنا اختلطنا

وجمعنا القلبين في الجنب قلبا

فاهتدى سيرنا كأنا فرشنا

لخطانا مباسم الفجر دربا

وانتشى جونا انتشاء الندامى

وأدار النجوم أكواب صهبا

يشعل الحب من دجى الأفق فجراً

يسفح العطر في طريق الأحبا

ونظرنا في الأفق وهو بقايا

من ظلام محمرة الوجه غضبى

وخيال السنى يجرب عينيه

فيطوي هدباً ويفتح هدبا

وسألنا: فيم التعادي؟ وفيما

نخضب الليل بالجراحات خضبا؟

ولماذا نجني المنايا… بأيدينا،

ونرمي الحياة في الترب تربا؟

والورى أخوة ففيم التعادي؟

وهو أخزى بدءاً وأشأم عقبى؟

أمنا الأرض “يسعد الأم” أن

تلقى بنيها صباً يعانق صبا