فاتحة

يا صمت ما أحناك لو تستطيع

تلفّني، أو أنني أستطيع

لكن شيئاً داخلي يلتظي

فيخفق الثلج، ويظمى الربيع

يبكي، يغني، يجتدي سامعاً

وهو المغنّي والصدى والسميع

يهذي فيجثو الليل في أضلعي

يشوي هزيعاً، أو يدميَّ هزيع

وتطبخُ الشهبُ رماد الضحى

وتطحن الريحُ عشايا الصقيع

ويلهث الصبحُ كمهجورة

يجتاح نهديها خيالُ الضجيع

شيء يناغي، داخلي يشتهي

يزقو، يدوًّي، كالزحام الفظيع

يدعو، كما يدعو نبي، بلا

وعي، وينجر انجرار الخليع

فيغتلي خلف ذبولي فتى

ويجتدي شيخ، ويبكي رضيع

يجوع حتى الصيف ينسى الندى

ميعاده، يهمي شهيق النجيع

ويركض الوادي، وتحبو الربى

ويهرب المرعى، ويعيا القطيع

ما ذلك الحمل الذي يحتسي

خفقي، ويعصي ذاهلاً أو يطيع

يشدو فترتد ليالي الصبا

فجراً عنيداً، أو أصيلاً وديع

وتحبل الأطياف تجني الرؤى

ويولد الآتي ويحيا الصريع

فتبتدي الأشتات في أحرفي

ولادة فرحى، وحملا وجيع

هذه الحروف الضائعات المدى

ضيعت فيها العمر، كي لا تضيع

ولست فيما جئته تاجراً

أُحسُّ ما أشريوماذا أبيع

إليكما يا قارئي انها،

على مآسيها: عَذاب بديع