دعوا سالفا من ذكر ليلى ومن هند

دَعُوا سالِفاً من ذِكرِ لَيلَى وَمِن هِندِ

وَذِكرى أَحاديثِ الرُّصافَةِ والرَّندِ

وَلَكن تَعالَوا عَطِّرُوا مَجلِسَ الهَنا

بِعَودِ أَبِ الأَحساءِ أَعنِي أَبا الحَمدِ

فَتىً جَلَويٍّ مَن نُقَرِّعُ باسمِهِ

قلُوبَ الأَعادِي مِثلَ قارِعَةِ السَّدِّ

فَهَيبَتُهُ العُظمَى هَدَت كلَّ ظَالِمٍ

فَداعِي أَذاهُ لا يُعيدُ وَلا يُبدِي

وَأَظهَرَ عَدلاً في الأَنامِ كأنَّهُ

جِبالٌ أَحاطَت كلَّ مُستَضعَفِ الجُهدِ

فَتىً هَمُّهُ نَصرُ الشَّريعَةِ وَالهُدى

وَحِفظُ حُدودِ اللَّهِ في القُربِ وَالبُعدِ

وَكانَت حُدودُ اللَّهِ قَبلُ مُضاعَةً

كَأن لَم يَكُن لِلَّه في الشَّرعِ مِن حَدِّ

كأنَّ كِتابَ اللَّهِ لا يَدرُسُونَهُ

وما كانَ فيهِ مِن وَعيدٍ وَمِن وَعدِ

فمُذ قامَ عَبدُ اللَّهِ لِلَّهِ ناهِضاً

بِنَهضَةِ ضِرغامٍ عَظيمٍ مِنَ الأُسدِ

أَعادَ حُدودَ اللَّهِ في أُفُقِ العُلا

تُضِيءُ نُجُومُ الأُفقِ عَنها وَتَستَهدِي

وَمَدَّت هناكَ الصَّالِحُونَ أَكُفَّهُم

دعاءً لِهَذا السَّيِّدِ المَاجِدِ الفَردِ

وَوَلَّت جنُودُ الفِسقِ عَنّا ضَئِيلةً

أَذَلَّ وَأَخزَى في الأَنامِ مِنَ القِردِ

إِذا فَاسِقٌ أَغوَاهُ مِن نَفسِهِ الهَوى

تَغَشَّاهُ خَوفٌ مِنهُ يُثنِيهِ لِلرُّشدِ

فيا ماجِداً مُذ غابَ عَنَّا لَطِيفُهُ

فَهَامَت بِهِ الأَحساءُ وَجداً عَلَى وَجدِ

طَلَعتَ عَلَيها طلعَةَ الشَّمسِ لِلوَرى

فظَلَّت تُغَنِّي فيكَ بِالشُّكرِ وَالحَمدِ

عَلَى أَنَّ فَرعاً مِنكَ فينا أَقَمتَهُ

فأَعظِم بهِ من ماجِدٍ مُشرِقِ السَّعدِ

شَأى شأوَكَ العالِي بحُسنِ سِياسَةٍ

وَعَزمٍ مُلُوكِيٍّ وَهَيبَةِ ذِي مَجدِ

سُعُودٌ أَدامَ اللَّه طالِعَ سَعدِهِ

وَصَيَّرَهُ ما عاشَ يَجرِي عَلى رُشدِ

وَلا عَجَبٌ إِذ نالَ ما نالَ مِن عُلاً

فَقَد كانَ يَسعَى في مَساعِيكَ لِلمَجدِ

فَيا ضَيغَماً بَل يا شِهاباً إِذا اِنجَلَى

تَنَحَّت شَياطِينُ الضَّلالِ عَلَى كَدِّ

أَلا إِنَّ لِلشَيطانِ جُنداً مِنَ الوَرى

فحافِظ عَلى التَمزيقِ في ذَلِكَ الجُندِ

وَناصِرُ دِينِ اللَّهِ يُولِيهِ رَبُّهُ

فُتُوحاً وَنَصراً جاءَ عَن أَصدَقِ الوَعدِ

وَناصِرُ دينِ اللَّهِ يَحيى مُبَشَّراً

لَهُ العِزُّ في الدُّنيا وفِي جَنَّةِ الخُلدِ

وَنَحنُ بِحَمدِ اللَّهِ عِندَكَ لم نَزَل

نُسَرُّ بِعَزمٍ مِنكَ ماضٍ وَلا يُكدِي

وَنَشكُرُ إِحسانَ الإِمامِ بِفَضلِهِ

فَوَلَّى عَلَينا سَيِّداً عالِيَ الجَدِّ

وَقُورٌ عَلَى الشِّدّاتِ أَمضَى عَزائِماً

إِلَى حَلَبات المَجدِ مِن مُرهَفِ الحَدِّ

وَكَم للإِمامِ مِن أَيادٍ عَظيمَةٍ

إِذا قُوبِلَت بالعَدِّ جَلَّت عَن العَدِّ

وَأَنتُم بحَمدِ اللَّهِ بَيتٌ مَعَظَّمٌ

فَضائِلُكُم فِي المَجدِ سابِقَةُ العَهدِ

وَأَقوى مُلُوكِ الأَرضِ في نُصرَةِ الهُدى

وَفِي الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالحِفظِ لِلحَدِّ

وَأَعظَمُهُم حِلماً وَعَفواً وَهِمَّةً

وَأَخلاقُ أَملاكٍ أَلَذُّ مِنَ الشّهدِ