نداء من القدس

غَفَا الْلَّيْل فَلْيَبْرُز مِن الْخِدْر طَالِع

وَمَن وَكُرَه فَلْيَغْد غَاو وَضَالِع

وَفِي غَفْلَة مِّن هَجْعَة الْخَلْق فِي الْكَرِى

تَنَمَّر وَحْش الْغَاب وَاجْتَال ضَالِع

وَمَا الْغَاب إلا مَرْتَع الْذِّئْب جَائلا

لِيَقْنُص حُمْلان الْحَمِى أَو يُخْادِع

فَيَا وَطَنِا عنه اسْتَنامَت حَمَاتَه

لَك الْلَّه فِيْمَا خَصْمِك الْفَظ صَانِع

لَك الَلَه فِي هَذَا الَّذِي قَد لَقِيْتُه

مِن الْهَوْل أذِ رَاعِك فِي الْلَّيْل خَانِع

وَيَا أُمَّة أَوْطَانِهِا قَد تَمَزَّقَت

وَأُمْسِى بِهَا الْحِقْد الْشِّقَاق يُشَايَع

رَأْى لَيْثَها قَد نَام فِي خِدْر أُمّه

فَعَاث بِهَا غَاو وَغَدُور وَطَامِع

فَأَنَّى لَه أَن يُمْسِك الْأَمْر فِي يَد

وَقَد دَهِمَتْه فِي الْظَّلام الْفَظَائِع؟

رَأْى قَصَرَه الْمُنْهَار تَحْت رُكَامُه

وَفَانِّي حُطَام دَمَّرَتْه الْمُدَافِع

وَمَن حُوْلَه صِرْعَى وَجُرْحِى جُنُوْدُه

وَمَن تَحْتِهِم تِلْك الْدِّيَار الْبَلَاقِع

وَجُنِّد غَزَاة يَقْطَعُوْن سَبِيِلِه

وَتَنْزُو عَلَى الأعْرَاض مِنْهُم نَوَازِع

وَكُل لَه فِي هَجْعَة الْلَّيْل إرْبِه

تُحَرَّكَه لِلْفَتْك وَالْغَاب هَاجِع

تَنَمَّر فِيَه حَامِل الْنَّاب وَالْمُدْى

بِهَا شَحَذَت أَيْد بِهَا الْسُّم نَاقِع

عَجِيْب لَهَا أُمَّتِي فِي وَثَوْبُهُا

عَلَى وَطَن فِيَه الْقُلُوْب فَوَاجِع

أَحَاطَت بِه قُوَّات غَدَر أَثِيمُه

بِهَا الْمَسْجِد الْأَقْصَى دَهَتْه الْمَوَاجِع

وَمَا فِيَه مِن حَام سِوَى الْعُزَّل فِي الْوَغَى

يُرَوِّعَهُم فِي مُهْجَة الْلَّيْل خَادِع

أُتِى يَحْمِل الْمَوْت الْزُّؤَام بِالّة

مُصَوِّبُة الَأنْيَاب مِنْهَا الْأَضَالِع

وَفِي جُفُوَنُّهَا الْنِّيْرَان وَالْبُغْض وَالْأَسِى

لِمَن دَاهمَّتّه بِالْمَنُون تَوَاقَع

بِجُنْد مِن الْشُّذَّاذ مِن كُل مَلَّة

لُصُوْصِيَّة مِنْهَا أَثِيْم وجَاشِع

مَوَاقِعَهُم فِيْهَا تُحَدِّد جُرْمِهِم

فَمَن ذَا الَّذِي عَن قُدْسِه لَا يُدَافِع؟

دَعَانِي الْأُسِّى وَاسَتَدَّمّع الْعَيْن حَسْرَه

وَشَدَت الَي قَلْبِي الْنُيُوب الْنَّوَازِع

خُطُوْب وَأَهْوَال وَأَسْرِى و أَدْمُع

وَقَتْلِى وِصْرِعِى جَنْدلْتِهُم مَصَارِع

فَمَن لِي مِن هَذَا الدَمارُ وَمَا جِرى

لِأَهْلِي وَبَيْتِي وَالْقُلُوْب صَوَادِع؟

وَمَن يَدْفَع الْخَصْم الْعُتُل بِقُوَّة

وَيَرْدَع مَسْعَاه وَبَالغَاب جَازِع؟

نُفُوْس عُرَاهَا الْبُؤْس وَالْهَم وَالْضَّنّى

وَأَفْزَعَهَا مِن هَوْلِه ما يُضَاجِع

أيَحْمّي بُيُوْتَا أَو يَصُوْن مَسَاجِدا

نَئُوْم عَن الُجْلَّي خَنُوع وَهَالِع؟

أَم الْمُمْسِك الْكُرْسِي فِيَه تَشَبُّثا

يَنَام عَلَى هُون وَبالصَّمّت قَانِع؟

وُلَاة شُعُوْب مَزَّقَتْهُم ضَغَائِن

وَمَا ضَمَّهُم فِي سَاحَة الْحَرْب جَامِع

وَقَد شَغَلَتْهُم أَنْفُس عَن شُعُوْبِهُم

وَبَات مَع الْشَّحْنَاء حِقْد يُصَارِع