أرى طارقا يصبو إلي ويصبيني

أرَى طارِقاً يَصبُو إليَّ ويُصبِيني

ويُذكرُني ما كانَ هجرُكَ يُنسِيني

وما الجُودُ من ذي البُخلِ إلا مَكيدَةٌ

تُراكُم طَرقتُم في الكَرى لِتكيدُوني

وأهيفَ طالَت بينَ صُدغَيهِ فُرقَةٌ

وعندَ التَّداني مِنهما فهوَ يُدنِيني

أُراقبُ منه مَوعِداً بلِقائه

إذا التَقَيا والعمرُ ليسَ بِمَضمُونِ

بذلتُ لَه صَبري ونَومي بمَوعِدٍ

وأجدِر بهِ أن يقتَضِيني ويُقضِيني

وأسلَفتُ فيما لا أرَى ما رَأيتُه

على الظَّنِّ فَانظُر هِمَّتي أينَ تُلقِيني

وتغتنم الأيَّامُ شُغلي بحبِّه

وتأمنُ من أن أتَّقِيها فَتَرمِيني

وعندَ أبي سَعدٍ من الجُودِ جُنَّةٌ

تُحصِّنُ مَن يَلقَى بِها أيَّ تَحصِينِ

وَها أنا فِيها كلُّ شيءٍ يُصِيبُني

بهِ الدَّهرُ من نَبلِ الحَوادثِ يُخطِيني

أبثُّكَ ما لِلعِيد عِندي وأبتَدي

أُهنِّيكَ باليَوم الَّذي ليسَ يَهنِينِي

مَلابسُ لي فِيهنَّ دِرسُ عِمامةٍ

تحدِّثُني عَن لابسِيها فَتُلهيني

كأنَّ كتابَ المُبتَدى في سُلوكها

بتاريخهِ مِن كلِّ حينٍ إلى حِينِ

مَتى حُرِّكت غنَّت ولكن يسُوؤُني

إِذا لَم يَكُن لي غَيرُها أن تُغنِّيني

فلمَّا أقامَ الناسُ فَضلَكَ بَينهُم

مِثالاً وساواني بذلِكَ مَن دُوني

مَحوتُ به ما كانَ لي من نُفُوسِهم

وصرتُ إِذا جاوَزتُ حدَّكَ رَدُّوني

فقلتُ احتِجاجاً للنَّدى وحَمِيَّةً

وغَيرةَ مَشعُوفٍ بمَجدِكَ مَفتُونِ

ألستُم تَرَونَ الأرضَ تُمطرُ كلُّها

وفيها سِباخٌ نَفعُها غيرُ مَظنونِ

فكيفَ يكونُ الغَيثُ غيرَ مُمَيّزٍ

ويُوجَدُ بالتَّمييزِ جُودُ ابنِ هارُونِ