إذا أنت لم ترع البروق اللوامحا

إذا أنت لم ترعَ البروقَ اللوامحا

ونمتَ جرى من تحتِكَ الماء طافِحا

غرستَ الهوى بالوصل ثم احتقرتَه

فأهملته مستأنساً ومُسامِحا

ولم تدرِ حتى أينعَت ثمراتُه

وهبَّت رياح الهجر فيه لواقِحا

وأمسيتَ تستدعي من الوصلِ عازِباً

عليك وتَستكري من النوم نازِحا

فأما حديثي كيف قضَّيتُ ليلتي

فإني وجدت الدهرَ سكرانَ طافِحا

فقابلتُ إنساناً بإنسانِ مُقلتي

فألفيتُه في ماءِ خديه سابِحا

فبرح بي لون التباريح واقفاً

على خدِّه من خدِّه ليسَ بارِحا

وفي العذر ما يلقاك أسود حالكاً

يقوم عليه أبيضُ اللون واضِحا

وولَّى وطال الشوق والليل بعده

ووكل طرفي بالطويلين ماسِحا

وماذا على المهموم من طولِ ليله

إذا اعترضَ الهمُّ المُماسي مُصابِحا

وأين يكون المستجدُّ من الضَّنى

وقد شَغلَ الماضي الحشا والجَوانِحا

نوائب لو كانت توالت صروفها

بحيث يراها صالحٌ كنت صالِحا

ولكن خَلت بي حيثُ لا يَبطش الندى

فيُخشى ولا يُصغي إذا قمتُ مادِحا

إلى أن دَعاني جودُه فاستَجرها

ولم أدر من ألقى إليه النصائِحا

فأقبل بي راجٍ من العُرف غادِياً

وولَّى بها ناجٍ من الخوفِ رائِحا

فتىً ينظر الأقوالَ من غير فعلِه

فيُبصر فيها من نداهُ ملامِحا

فمجدٌ يحثُّ القول من كلِّ قائلٍ

إليه وجودٌ يستحثُّ القَرائِحا

وإن أشرقَت ألفاظُه فطروسُه

دجى الليل ما بين النهارين جانِحا

بأرقشَ ماضٍ ما يداوي جريحه

وقد ينشر الموتى ويأسو الجرائِحا

إذا أنا قلت الشعر فيك وجدته

من الشعر ممدوحاً وإن كان مادِحا

فألفيتُهم يستعرضونَ حوائجي

إليهم ولو كانَت عليهم جوانِحا

تحمل لي الثقلَ الذي يستخفُّه

نداك وإن ألقاه غيركَ طارِحا

وكيف وهل يستنهضُ البحرُ للندى

أقلني فإني قلتُ ما قلتُ مازِحا